رغم ان الحملات الانتخابية حق مشروع لكل حزب او كتلة بوصفها الوسيلة الديمقراطية لتمثيل الشعب بالبرلمان لكن ما يؤشر على حملاتنا الانتخابية هي انها تبدأ مبكرة جدا وقبل الموسم الانتخابي بنحو سنة احيانا. وهذه المسألة تكاد تكون قاعدة عراقية بامتياز لأنه لا توجد في تجارب الشعوب التي تعتمد صناديق الاقتراع وسيلة لبلوغ الحكم من خلال الانتخابات مثل هذه الاستعدادات المبكرة، فالحملات الانتخابية التي تأخذ طابع الدعاية المعروفة من خلال وسائل الاعلام او الندوات واللقاءات المباشرة بالمواطنين من اجل التعريف بالبرنامج الانتخابي لكل جهة، هي حملات لها بداية معروفة ونهاية معروفة الى يوم الصمت الانتخابي الذي يسبق التوجه الى صناديق الاقتراع بنحو 24 ساعة. لكن بالعراق الامر مختلف وهذا في تقديري جزء من العيب التأسيسي للعملية السياسية التي باتت تحتاج الى تغيير في كل شيء.. في الآليات والاجراءات بما في ذلك كيفية خوض الانتخابات واسلوب التعامل مع الجماهير من اجل كسب اصواتها. والواقع ان الحملات الانتخابية المبكرة لا يمكن النظر اليها إلا من زاوية كونها تستهدف محاولة الاستحواذ على اكبر عدد من المقاعد تحت ذريعة او حجة خدمة المواطن. صحيح ان كل الحملات ترفع شعارات تخص المواطن وكيف يمكن لهذه الاحزاب او القوى السياسية ان تخدمه وهي شعارات اصبحت في غالبيتها مستهلكة من وجهة نظر المواطن. لذلك توجهت قوى واحزاب معينة مبكرا نحو المواطن لكن من اجل كسب المقعد الانتخابي وزيادة الرصيد حتى لو كان عبر محاولات التسقيط وربما حتى التخوين. والواضح ان من بين اسباب ذلك هو عدم الثقة بالنفس احيانا وعدم الثقة بالآخر سواء كان شريكا من نفس الكتلة او الحزب او حتى المكون ناهيك عن ازمة الثقة الموجودة بين المكونات والتي يحاول الجميع العمل على ترقيعها من خلال مشاريع او مبادرات لم تحقق النتائج المرجوة منها وهو ما يتطلب مراجعة على كل الصعد اذا اردنا ان نكسب ثقة المواطن بنا. والمطلوب من وجهة نظري كنائبة لدورتين انتخابيتين ان نعرف كيف نكسب ثقة المواطن العراقي من خلال التعامل بصدق معه وليس بالضرورة كيل الوعود له التي يصعب تحقيقها لهذا السبب او ذاك. وهذا الامر يمكن ان يحصل خلال الفترة التي تجري فيها الدعاية الانتخابية طبقا لتوقيتاتها الزمنية لا ان تتم قبل سنة او اقل او اكثر قليلا احيانا، فالآن مثلا نجد تحركات واسعة لكل الاطراف المشاركة بالعملية السياسية والجميع يعترف انها حملات انتخابية مبكرة. ولكن لو تساءلنا عن الجدوى من وراء هذه التحركات المبكرة لتوصلنا الى قناعة ثابتة هي انها تستهدف الحصول على المقاعد (برأس المواطن) بينما اصل الحملة الانتحابية هي ان يستطيع السياسي اقناع المواطن لكي يفوز بالكرسي.. بينما نحن نعمل العكس بمعنى اننا نريد الحصول على المقاعد باسم المواطن وهذه مسألة بات المواطنون يدركونها ويمكنهم التمييز بين من يريد خدمتهم بصدق وبين من يسعى لخدمة نفسه.
|