ذاكرة الشعب |
ينبغي أن لا يصدر كتاب في العراق الا وتوضع نسخة منه فيها . ينبغي أن لاتصدر مجلة او جريدة أو أي اصدار آخر الا وتوضع نسخة منه فيها . انها المكتبة الوطنية التي تشكل ذاكرة الشعب . ويقوم مفهرسوها ومصنفوها بإعطاء رقم معين مقرون بسنة الصدور لهذا الكتاب او لتلك الدورية يسمى رقم الايداع.
في عام 1924 تم اسست المكتبة العامة التي سميت لاحقاً المكتبة الوطنية لتكون وفق قانونها مخزن الثقافة والفكر والتأليف والانتاج الفني والثقافي والعلمي والادبي لمبدعي الوطن , ويقوم موظفوها بتصنيف هذه الكتب والدوريات وفق نظام الفهرسة العالمي (نظام ديوي العشري) بحيث يسهل استجلاب النسخة المطلوبة وفقاً للرقم الذي ثبِت على المادة الفكرية .
ليست عملية خزن الكتب وتبويبها بالأمر الجديد على حضارة وادي الرافدين , فلقد كانت مكتبة آشور بانيبال أول عمل من هذا النوع على الاطلاق تشهده أرض الفراتين حيث جمعت فيها الرقم الطينية التي ثبتت عليها القوانين والشرائع الحكومية وقد اثبتت التنقيبات الاثرية انها كانت مصنفة بشكل هندسي مما يدل على سعة النهضة الحضارية آنذاك , وفي عالمنا الحاضر اتسع الامر اتساعاً معرفياً كبيراً فصارت هناك مكتبات عامة في المدن بل وفي الاحياء السكنية ثم امتد الامر لتكون هناك مكتبات مدرسية يلجأ اليها الطلاب لزيادة معارفهم كما شمل الامر كذلك الجامعات والكليات فصار لكل جامعة او كلية مكتبة متخصصة بها تزود طلبتها بما يحتاجونه من مفردات معرفية لانجاز بحوثهم ودراساتهم .
وقد كانت الاجيال السابقة تقضي أفضل وأجمل أوقاتها للمتعلمين منهم في قاعات هذه المكتبات قّراء ومستفيدين وباحثين وطلبة علم ومعرفة الى أن اضمحل الامر الآن وما عادت الامور كما كانت عليه في السابق فالقراء اصبحوا معدودين واستعاض الناس عن اقتناء الكتب بتصفح الانترنت اذا تصفحوا وقل دور الكتابة الورقية كتباً وصحفاً ولم تعد الناس تقرأ كما .
كانوا يقرأون في السابق نظراً لتغير طبيعة الحياة ومتطلباتها ولم يعد العرب يقرأون كما كانوا يفرأون وقل اهتمامهم بالكتب بعد أن كانت هناك في كل بيت مكتبة صغيرة لأفراد الاسرة .
ذاكرة الامة تعاني الآن معاناة جسيمة بعد أن قلّ روادها ولم تعد المطابـــــــع تطـــــبع الا نسخاً معدودة لاتتجاوز العشرات من كل مطبوع ولكــــي لا تفقد الامة ذاكرتها. عليها أن تستعيد وهج نقائهــــا وقيمتـــــها الحضـــارية بالسبل والطرائق التي تكـــــفل بقاءها الخزين المعرفي لها . |