ثقافة التسلط لم تنتهي

 

لازال المجتمع العراقي يعاني من ثقافة رجعية سيطرة على اذهان وعقول الكثير من الناس  ورغم حالة التغير وأنتشال الواقع من مرحلة التدهور والضياع  أبان السيطرة الصدامية, والانتقال به الى سبل معرفية نالت بها اطياف المجتمع التي روادتها حلم التغير والتحول الى ثقافة شمولية تساعد على الاستمرار وديمومة الحياة وخلع ثوب التمجيد والاذلال والعبودية , وبناء شخصية اكثر تفاعلا وانسجاما للواقع الجديد ,خصوصا ان المرحلة الجديدة انطلقت انسجاما مع كل معطيات العالم بتحدياته وثورته الاعلامية وحضارته التي دخلت دون وضع رقابة تحد من تلك الثورات وتعاملها بحرية مطلقة مع كافة شعوب العالم , وتحت وطأة ماجرى من ثورات وتغيرات في التركيبة السياسية وقلع العروش الحاكمة لفترات جثمة على انفاس شعوبها وصادرت ارائها وافكارها ,وخصوصا لم تسمح لها بالتنافس على مواقع الحكم بابسط الطرق السلمية وهي صناديق الاقتراع التي تفرز مؤسسات الحكومة الشرعية, ومايجري اليوم في بلدنا بعد انقضاء عشرت سنوات من التحدي والصراع المرير مع قوى الارهاب وبقاية النظام البائد والتي ذهب ضحيته من جراء ذلك الصراع عشرات الالاف من الابرياء اثناء عمليات العنف , ومع ذلك فالكثير من ابناء الشعب يطمح لتغير ثقافة التسلط وقلعها من جذورها وعدم السماح بممارستها او أنتهاجها مرة اخرى في بلد ذهب لاكثر من مرة لأنتخابات برلمانية ومجالس محافظات ووضع اسس يعتز بها سيما ثقافة التداول السلمي بطرق حضارية سلسلة والابتعاد عن الهدم والعنف والتهديد كاحدى وسائل التغير , وبالتأكيد ان تلك الوسائل أندثرت في العالم المتمدن ,كون الشعوب تتواصل عبر فضاء وشبكات تنتقل بها الحضارة والعلم بكافة وسائلها واساسياتها من فكر واراء ومعتقدات , وقد رأينا كيف لعبة وسائل الاعلام في تغير الواقع السياسي لمصر وتونس واليمن عن طريق تبادل الاراء وتلاقح الافكار على مستوى الشعوب العربية , في السابق كانت الدولة الاموية تتسلط على رقاب الناس وتجتث كل من لدية فكرة او نقد يتجه للاصلاح , وفي العصر العباسي لايسمح لغير الخليفة بالتسلط على مركز القرار فهو يستخدم سياسة ثقافة متسلطه وتسير لصالحه , ولايختلف الامر في العصر العثماني الذي مارس ايضا سياسة خطيرة جدا وهي سياسة (التتتريك) , وبنفس خط البيان استخدم الانكليز سياسة المراوغة وبث حالة الاطمئنان لدى الشعوب باننا جئنا محررين لافاتحين , وحين أستقرت لهم السلطة استخدموا سياسة التجويع والحصار ولم يسمحوا للمثقفين من الشعب بتأسيس منتديات ادبية او سياسية كون المندوب السامي يعتبرها مخالفه لنظرياتهم وسياستهم التسلطية , كل ذلك تلاشى بفضل الثورة الاعلامية فاصبحت الشعوب ترضخ لتأثير الاعلام وثقافة الحوار , وما نراه اليوم أن بعض من الكتل السياسية والتي لها ارتباط وحنين للماضي المؤلم قد تنظر بعين واحدة الى الشعب وتتغافل بقوة عن التحولات السياسية والاقتصادية لتمارس سياسة الثقافة المتسلطة , فتتصور ان ارائها  في القرن الواحد والعشرين هي الامثل والتي لاتخضع لكل موازين النقد والتفتيت مع انها صاحبة قرار ومركز قوة في الدولة العراقية , في الوقت الذي عاشت تلك الكتل مضمار الانتخابات وشعرت بخيبة امل حينما لم تحقق من جماهيرها النسبة التي تؤهلها ان تكون يدها مبسوطة في تغير المعادلة السياسية, فتارة تخلق الازمات وتقف الى جانب الباطل لعلى الحكومة تصاب بشلل كي تعيد اطلالها وكأن العراق ملك لتلك الشخصية او الجهة السياسية , فلم يكون لديها مشروع سياسي ولم تقف على الحياد وغابت عنها الرؤية حول المعارضة السياسية البنائة والمرحب بها من كافة اطياف المجتمع اذا وقفت لانقاذ الدولة من قرارات هزيلة او ابطلة قرار يشل مصلحة الشعب , وخلال متابعتي للعملية السياسية منذ بثوقها في عام 2003 ولحد اليوم , لم ارى او اسمع ان كتلة سياسية وقفت موقفا معارضا بناءاَ مثلما يجري اليوم امام اعيننا في برلمانات العالم لتكون راعية لمصلحة المجتمع وتعترض على قرارات تسهم في الانتقال الى سلم المجد, بل العكس لازالت ثقافة التسلط والرأي المستبد والحنين الى الماضي الدموي هو السائد والسلاح الذي يستخدم في تفتيت العملية السياسية والمشروع الحكومي خلال كل أزمة فهي تعمل على توسيعها وتتمرد بها على الحكومة متناسية انها جزاء مهما في العملية السياسية  , في كل برلمانات العالم هنالك معارضة سياسية ولكنها تنصهر وتذوب مع الحكومة عندما تتعرض للتهديد أو للخطر سوى كان داخلي او خارجي , كون العملية تضامنية ومسؤولية واحدة والنجاح او الانهيار لايستثني احد , الا المعارضة في البرلمان العراقي فقد دفع المواطن العراقي ثمنها في كل شيىء من تعطيل قوانين تصب في البنة التحتية وقانون الاسكان والحرمان من ابسط الحقوق والخدمات البسيطة.