ذكرى إنتفاضة آذار (الشعبانية) 1991

 

قبل أن تحدث الإنتفاضة الشعبانية في آذار سنة 1991 ، كانت أجهزة الإعلام الغربية والأمريكية خاصة تحفز الشعب العراقي على الثورة ضد نظام البعث الحاكم في العراق وكما تفعل اليوم مع الشعب السوري ضد نظام الرئيس بشار الأسد ، وعندما حدث ماكانت أميركا وحلفاؤها تصبو إليه ، وتطبل له وبدلاً من أن تساند الثوار المنتفضين وتساعدهم على إسقاط صدام راحت توكل أمر قمع الإنتفاضة الى صدام رئيس ذلك النظام نفسه ، والذي عالج الموقف بوحشية قل نظيرها في سجلات التاريخ ، فكانت خيبة أمل مذهلة لازالت تحير الشعب العراقي حتى يومنا هذا !!

 

فمع بدء الإنتفاضة الشعبانية التي أجتاحت العراق من الجنوب الى الشمال ، بدأت بعد أيام قليلة الأشارات التي تروّج من هنا وهناك بوجوب إبقاء نظام البعث بقيادة صدام حسين بالسلطة وأعطائه الضوء الأخضر للبدء بقمع الإنتفاضة الشعبانية ،  حتى جاء الأتفاق يوم 6 آذار في ( خيمة سفوان ) والذي قصم ظهر الإنتفاضة وأجهضها نهائياً ، وبذلك غرست أمريكا وحليفاتها خنجر غدر مسموم في ظهر الشعب العراقي الثائر على نظامه الدكتاتوري ، حيث قرر القادة الأمريكان إبقاء السلطة بيد أصحابها ( بناء على نصيحة دول الخليج التي خشيت من حصول نظام شيعي في العراق يكون موالياً لإيران الشيعية ) وتلك هي اللحظة التي إنتهت فيها الإنتفاضة ، وبعد مرور ست سنوات على تاريخ الإنتفاضة أي عام 1997صرح القائد العام لقوات التحالف الجنرال شوارتسكوف بتلك الحقائق .. وبعدها بأيام قليلة صرح بندر بن سلطان آل سعود وعلى نفس الموضوع بأمور تتصل مباشرة بما حدث في أيام الإنتفاضة الأولى وأن هناك كانت أوامر بإنهاء الإنتفاضة وتأهيل صدام مرة أخرى .!إن ما حدث في شهر آذار (شعبان) سنة 1991 ليس بالأمر الهين  ولاهو بالحدث السهل الذي يمكن تجاهله وعدم التوقف عنده ، فلقد إنهارت أسوار الخوف وحصون الرعب التي كانت تحيط بالشعب المقهور من كل مكان ، وتفجرت حناجر المظلومين ولأول مرة منذ عقود طويلة من الصمت المطبق وهي تهتف بسقوط صدام ونظامه البعثي المستبد ، ومهما قالوا عن الإستعجال بالإنتفاضة وعدم التخطيط والتنظيم لها فأنها تظل علامة فارقة و صفحة مشرقة في حياة الشعب العراقي ، ففي لحظات قصيرة من عمر الزمن إنهارت القلاع المرعبة لنظام البعث الحاكم وتحرر الناس من الخوف الذي كان مسيطراً على كل شيء في العراق … واليوم نرى تجاهلاً غريباً في الحديث عن فترة الإنتفاضة الشعبانية ولحظاتها المخيفة .. إذ لم يعمد أحد إلى توثيق هذه الأحداث – رغم مرور أكثر من 26عاماً  من أحداثها –  والشيء المؤسف حقاًً هو أن الكثير من التيارات السياسية والدينية التي ظهرت على الساحة العراقية بعد السقوط إحتكرت  وجيّرت  هذه الإنتفاضة الشعبية لصالحها من دون أن يكون لها أدنى دور عملي أو أي فعلٍ جهادي فيها ..ولكن هذه هي الثورات ..يخطط لها العظماء ..ويقوم بها الشجعان ..ويرثها الإنتهازيون الجبناء .! ….