المهاجرون العراقيون |
بدأت هجرة العراقيين إلى الخارج بشكل خاص بعد (1948) من قبل سكانه اليهود إلى فلسطين ،ثم تلا ذلك هجرة بعد ثورة (1958) وان كانت هذه الهجرة محدودة قام بها قلة من الاشخاص الموالين للعهد الملكي والذين لهم ارتباطات اقتصادية وأجندات سياسية مع الدولة البريطانية والذين يجدون في بقائهم في العراق ضررا جراء ثورة الرابع عشر من تموز ، تلتها هجرات متكررة ومتعددة برزت بشكل واضح بعد انقلاب 8 شباط ثم أبان حكم البعث ايام صدام ، وأصبحت على نطاق واسع بعد التغير في (2003) وما يميز الهجرة العراقية عن سواها من البلدان العربية انها اولا هجرة دائمية يتوخى صاحبها ترك العراق بشكل دائمي والحصول على سكن بديل دائم و على جنسية البلد المهاجر إليه ، واغلب هذه البلدان ،هي بريطانيا ودول أوربا خاصة الشمالية وأمريكا واستراليا ، والميزة الثانية لم تكن هذه الهجرة العراقية طلباً للرزق في اغلبها (عدا فترة الحصار التي مر بها العراق حيث كثير من العراقيين ومن أصحاب الشهادات سافروا طلبا للعمل في دول عربية أهمها ليبيا واليمن وسوريا والاردن ورجعوا لوطنهم العراق ) ، وانما هي لأسباب تتعلق بالاضطهاد السياسي والديني والطائفي الذي كانت تمارسة الحكومات المتعاقبة وأجهزتها الامنية القمعية التي تبنت حضر اي نشاط حزبي سياسي مخالف لتوجهات الحكومات الدكتاتورية وتعرض المخالف لأشد العقوبات منها الإعدام ، او نتيجة لاوضاع امنية متردية نتج عنها أوضاع غير طبيعة وشاذة كالفلتان الأمني وظهور الإرهاب وما قام به من تفجيرات وتهجير وأعمال العنف والخطف والقتل من قبل جماعات إرهابية او مجرمة او مليشيات غير منضبطة ، ان اغلب الذين هاجروا يملكون كل وسائل العيش الرغيد في العراق حيث يمتلكون عقارات وشهادات عالية من اطباء ومهندسين واساتذة جامعات وبعضهم يمتلك مصالح اقتصادية واسعة ومنهم من يمتلك مراكز مهمة بالدولة عدا مجموعة من الشباب الذين هاجروا ليبحثوا عن مستقبل خارج اطار وطنهم بعد ان ايقنوا انه لا وجود لفرص عمل في بلدهم العراق تسهم في تلبية حاجاتهم في بناء حياة آمنة ،ان العراق خسر خلال العقود المنصرمة الكثير من كوادره العلمية وحتى من الطاقات المبدعة في مجالات شتى علمية وأدبية وانسانية كما ان كثيراً من الأموال قد تسربت إلى الخارج ، فأغلب المهاجرين قاموا بتصفية مصالحهم الاقتصادية داخل العراق وبيع عقاراتهم وتحويل روؤس أموالهم إلى الخارج لتعينهم في العيش هناك وليشتروا لهم دورا او فللا يسكنوها او تسهم في تسديد مصاريفهم ومصاريف أفراد أسرهم في التعليم والرعاية وغيرها ،او قاموا بانشاء مشاريع معينة ، ان الهجرة من العراق سببت تقليص عدد بعض المكونات الأصلية للشعب العراقي من الأقليات من الأخوة المسيحين والصابئة والايزيدين وغيرهم كما عملت الهجرة على خلو العراق من الطائفة اليهودية قبل ذلك ، ان المخاوف تزداد من هجرة الكثير من هولاء الإخوان الذين يشكلون فسيفساء المجتمع العراقي الملون المتعايش منذ قرون وبذلك يفقد المجتمع العراقي تنوعه ويفقد كثير من الثقافات والطاقات الخلاقة التي ساهمت في بناء العراق ، إضافة إلى الجانب الإنساني فليس من المنطقي يتم تهجير أناس أبرياء من وطن كانوا يسكنوه منذ آلاف السنين لمجرد الاختلاف في الفكر والمعتقد ، على الحكومة العراقية اتخاذ الإجراءات الأزمة لإيقاف هذه الظاهرة السلبية بل العمل إلى إعادة من هاجروا وتركوا الوطن ومنحهم كل الفراص المتاحة والضمانات لارجاعهم إلى وطنهم بما فيهم من هم من الطائفة اليهودية الذين يرغبون بالعودة للوطن والذين غرر بهم للهجرة او هاجروا تحت ضغط معين ،ان رجوع الكثير من المهجرين خاصة من أصحاب الشركات ورأس المال والملاكات العلمية في المجالات كافة سوف يساهم مساهمة كبيرة في بناء العراق الجديد إذ ما توفرت لهم كل الظروف المناسبة المشجعة والضمانات التي تديم بقاءهم وتحقيق مساهماتهم في العمل والاستثمار وامتلاكهم حرية المعتقد دون اي ضغط يمارس عليهم ، حيث كل المواطنين متساوون بالحقوق والواجبات كما ينص الدستور العراقي ، علما ان هذا التوجه فيما لو اتخذ بشكل جدي من قبل الحكومة حيث سوف تتوفر له كل المقومات خاصة بعد القضاء على داعش سوف تكون النتائج ايجابية لارجاع العراق الى سابق عهده في التعايش والالفة بين مكوناته ، لتطوى صفحة سوداء من تاريخ العراق وفتح صفحة جديدة ، حيث عراق جديد تعيش فيه كل الألوان والطوائف والأعراق بسلام . |