خلال جميع سفراتي أينما توجهت وفي أي بلد أجد في نفسي الرغبة في التمتع بالهندسة المعمارية، وتخطيط المدن، وطرق البناء الحديثة وطبيعة مواد البناء المستعملة وما يستجد فيها من تطورات تخدم عملية البناء وتديمه، وأنظر الى كل ذلك نظرة نقدية. أما في زياراتي للوطن أجد انني في حيرة من كل ذلك!؟ فلا هندسة معمارية تستحق الإعجاب، وتخطيط للمدن فاشل أو حتى مفقود نهائيا، وأساليب متخلفة في التنفيذ، ومواد بناء ربما لا تصلح أو أن صلاحيتها قد انتهت أو ان الطقس ورطوبته ومياه الأمطار قد افسدها ولم تعد تتفق مع الشروط الهندسية، او ان المقاول لا يلتزم بأبسط الشروط الهندسية ....الخ، حتى ما يطلق عليه (السبيس) لفرش الطرق لتبليطها فهو ردئ ولا يصلح بسبب عدم انطباق المواصفات الهندسية في نسبة تدرج احجام الحجر او الحصى أو نوعية المواد المكونة مما يؤدي الى طرق غير مستوية ومزعجة وتتهرأ بسرعة! ولا أدري أين نقابة المهندسين، وإدارة البلديات والوزارات المختصة والوزارات والمؤسسات صاحبة المشروع من رقابة كل هذا الاستهتار في البناء وتعريض أموال الدولة والمواطنين للهدر وللخطر!؟ هذه المقدمة كتبتها بعد ما شهدت ما حدث في كربلاء خلال زيارتي الأخيرة ... حيث أخبرتني ابنة شقيقتي (ميسم) وهي ساخرة: (خالو تذكرتك، فأنت كلما خرجنا سوية كنت تراقب بعض الأبنية وتعلق أن هذا التنفيذ خاطئ وأن هذه المواد غير صالحة ووو...، وهذا البناء قد يهوى يوما ...الخ وأمس قطعوا شارع طوريج -واحد من أهم شوارع المدينة- بسبب الخوف من أن عمارة بعدة طوابق حديثة لم تسكن بعد ربما ستهوى!؟). خرجت يدفعني الفضول للإطلاع على ما أخبرتني به ابنة شقيقتي. فعلا وجدت ان الطريق قد قطع وتعطلت حركة السير، وهو شارع تجاري فيه محلات تجارية وفنادق ومطاعم، تم قطعه لمسافة تزيد عن مائة متر ولأن البناء يقع في تقاطع شارع طوريج مع الشارع المؤدي لمدرسة المنار وسوق الخضار الشهير، فقد منع العبور من هذين الشارعين أيضا. هذه البناية تم إنشائها بجانب بناء قديم (مطعم ومخازن يعود لعائلة الصديق سيد زكي الشامي) يحتل زاوية تقاطع شارع طوريج مع الشارع المؤدي لمدرسة المنار. وكما يلاحظ من الصور المرفقة ان البناية تتكون من سبع طوابق وأنها شبه منجزة. مالك البناء القديم قرر هدم البناء وتأسيس بناء جديد. وبعد الهدم تكشفت جريمة الخطأ الهندسي وسوء التنفيذ وعدم الالتزام بالشروط الهندسية وطرق الحسابات. فقد مالت هذه البناية عن المستوى العمودي نحو البناء القديم الذي أزيل بزاوية واضحة سببت رعبا للمنطقة!؟ ماذا يعني هذا؟ أن التأسيس أقيم على أسس غير مدروسة ولا تتحمل وزن البناء فلا الارض تتحمل ولا الأسس تم تصميمها بالطريقة الهندسية العلمية، وربما حتى مواد الأساس غير مطابقة للمواصفات الهندسية! أترك دراسة ذلك للمختصين والمسؤولين في كربلاء لعل ضمائرهم تستيقظ وينقذوا المدينة من عشوائية البناء وعدم الالتزام بالشروط الهندسية في التصميم والبناء التي تعم معظم الأبنية ليس في كربلاء وإنما في جميع المدن العراقية. فالفساد المستشري في الدولة موجود في كل مجالات الحياة العراقية بما فيها الهندسة! المسؤولون قرروا تلافي السقوط بهدم البناء، والصور المرفقة مع الفديو تبين الشوارع التي تم قطعها مع قطع أرزاق اصحاب المحلات، وعملية الهدم البدائية والتي قد تسبب اي خطأ فيها الى ضحايا. أخيرا أوجه كلامي لصاحب العمارة وللمنفذ، وللمشرف على البناء وللمسؤولين في إدارة البلدية وإدارة المحافظة أقول لهم أين أنتم من الإسلام ومن مبادئ الحسين في الاخلاص بالعمل ... الحسين أبا عبد الله (ع) بحاجة الى أنصار وشيعة يعملون بإخلاص، وتفاني وصدق ولا يفكرون بجني المال على حساب أرواح الآخرين. أتقوا الله فأنتم في مدينة سيد الشهداء اللهم إلا إذا كنتم غير مؤمنين بقضية الحسين وما علو صوتكم ومكبراتكم وكثرة مواكبكم الحسينية إلا نفاقا! محمد علي الشبيبي السويد/ العباسية الشرقية في 18 اذار 2017 أدناه فديو مع صور للعمارة أثناء هدمها (الفديو من صفحتي بالفيسبوك):
0
https://www.facebook.com/mohamad.alshibiby/videos/136619041677398
|