لك الله ياعراق

 

كان يوم الابتهاج والفرح العظيم , التي ملئت القلوب زهوا وابتهاجا بقرب تحقيق الامال والطموحات الكبيرة , ولاول مرة يتجول الفرح والابتهاج في قلوب وعقول المواطنين , وهو يشهد النهاية المخزية للحقبة الدكتاتورية , التي جثمت على العراق لاكثر من ثلاثة عقود عجاف , ذاق منها المواطن الهوان والمحن وجبال من المصائب , وبهذه النهاية المزرية , يعلن عن بدأ مرحلة وطور جديد يدخل سماء العراق , بولادة نظام ومولود جديد , سيكون مختلفا تماما بكل المقاييس , وسيكون نصيرا للمواطن والوطن بجميع مناحي الحياة , وسيجلب نور الحرية والديموقراطية والحياة الكريمة , وسيشع النور في كل زاوية من العراق ,, لكن هذا التوهج بدأ ياخذ بالانطفاء والاختفاء شيئا فشيئا ,وتتلاشى الامال العريضة , لتحل محلها الوجوم والحزن واليأس والاحباط والسخط والتذمر , لان قادة العراق الجدد ( حفظهم الله ورعاهم ) لم ينهمكوا بصدق وجدية واخلاص , في تغيير الواقع المرير الى واقع حضاري وانساني , يكون مدعاة للفخر والاعتزاز , ولم ينهمكوا في العمل في احداث الاصلاحات المطلوبة والملحة , لحرق سنوات العجاف , سنوات القحط والمصائب والمحن والخراب , بمراعاة احتياجات الشعب وتشوقه الى العدل والى الحياة الكريمة التي تليق بالانسان الحديث, ولم يسعوا الى الاصلاح لحال المدن , التي طالها الخراب والدمار والاهمال ,.ولم يحققوا الرعاية الاجتماعية والصحية لكل المواطنين , وانصاف الفقراء برفع الظلم وعوز الظروف القاسية , وخاصة وان العراق يملك موارد نفطية هائلة قادرة على اسعاد ورفاه الشعب , وليس الى فئة ضئيلة تتخم بالخيرات على حساب الشعب المظلوم والمحروم , ولم يجاهدوا في تأمين توفير ساعات التيار الكهربائي الى ساعات اطول من القطع , ولم يمنحوا ابسط الواجبات بتوفير الماء الصالح للشرب , وتنظيف الشوارع من اكوام القمامة والازبال , ولم يشجروا المدن بالاشجار والاحزمة الخضراء , التي تمنع تلوث الجو بالاتربة والعواصف الرملية . ولم يسعفوا الحالات المزرية والكئيبة لقطاع التعليم وقطاع الصحة , وما حالة مستشفيات اليوم التي تحولت الى مسالخ للموت وليس الشفاء والعلاج , وحتى لم يستطيعوا توفير الامن والامان والاستقرار , الذي اصبح بعيد المنال ودخل في قائمة المستحيلات , وصارت التغني بالحرية والديموقراطية بعيدة عن التحقق الملموس , كبعد المريخ عن الارض , حتى الاخلاق السياسية تبدلت ولبست ثوب الزيف والدجل والنفاق والضحك على الذقون , وتحولت احزاب العملية السياسية المتنفذة , الى وكالات تجارية تتعامل وفق المنطق التجاري لربح والخسارة , على حساب الدم العراقي وبيع الوطن من الذي يدفع اكثر . لقد ضاعت الامال والاحلام والتطلعات , وحل محلها الفساد بكل شروره وسرطانه , وصار يتحكم بالحياة السياسية , بالتلاعب والاحتيال والابتزاز والنهب المبرمج , تحت تستر الحكومة والبرلمان برعاية القانونية للفاسدين الذين ينخرون الجسد العراقي , دون رحمة وبضمير ميت , , وبهذا الشكل ضاعت عشرات المليارات الدولارات وذهبت خارج الوطن , , فقد صار النهب والفساد دين الدولة الرسمي والشرعي , والمواطن مهمته الجليلة يلوك علك الطائفية ليل نهار دون تعب او كلل , حتى صارت الطائفية مورفين العصر , وتسلية لخداع المواطن , , فاين ذاك العراقي الشامخ الذي يهابه الاصدقاء والاعداء . انه طمر تحت التراب , لقد ولى ورحل ذلك العراقي الجسور والشهم بروح التحدي , والذي كان مضرب الامثال بالقدوة والرجولة والثبات , ونصير الحق.