هذا ما كان العقلاء وأصحاب الرجاحة والفهم والبلغاء، من ذوي الألباب النقية والسرائر التقية، يحذّرون من سوء العاقبة ووقوع النائبة، ذوي العقول المتربة والنوايا المحتربة، حتى أدار الزمان دورته، وأعقل دربته، في ذات المكان، مع اختلاف الوقت والزمان، وهاكم أيها الصغار في السياسة، والغارقون في النخاسة، ما جنته عقولكم الرعناء، وألسنتكم الجوفاء، ونفوسكم الخرقاء، وأفعالكم الحمقاء، حتى أصابكم ما جنيتم، وحصدتم ما سعيتم، فتبا لكم من ملة مارقة، ومخلوقات بالفضائح مهرورقة. وها هي بضاعتكم ردّت اليكم. اللهم لا شماتة في ما ذهبت اليه وفكرت فيه، من أن أنال من الأبرياء، أطفالا ونساء، شيوخا وطلقاء، شبابا انقياء، خلافا للساسة اللقطاء، الذين أحالوا البلاد وكرا للغرباء، والجزارين والغوغاء، حين جعلوا الدم الآدمي مباحا، وتكالبوا على النحر نهيقا ونباحا، ذلك الدم العراقي الأزكى والطاهر الأسمى، من أفكارهم المقيتة وأفعالهم المميتة. عراقيا كان أم سواه. لعل هذا الاسترسال، عزيزي القارئ، بهذه الديباجة وعلى هذا المنوال في هذه المقامة الوصفية، المندوفة بالعذابات الركحية، وزيف الادعاءات المدحية، لما يفعله نفايات البشر بالعراقيين، قد تبث الملل عندك، لكنني قصدت من هذا، أن أحيلك إلى ذلك التراث الغني لتوظيفه كمقالة ساخرة استوحيتها من ثرائه، لتسليط الضوء على بلاوينا وهمجية من يدعي الأخوة نفاقا وزورا، من العرب الأقحاح، الباحثين عن القدود الملاح، والمتأسلمين بجوقة الهائمين بين المفاوز والأركاح، ونحن بين فكي كماشة لا ترحم، ساعين لحرق كل الأوراق في القتل وتيسير مهمة إبادة الأبرياء من اجل السلطة وخلق الفوضى، ليتسنى لهم اللعب كما يريدون، جاعلين من الغوغاء، قائمين على نحر الأبرياء، للبقاء أطول وقت على الكرسي الغالي وغباء وبلادة من يدفعونهم من الأشرار لقتل النفس البريئة دون وجه حق وبطريقة يندى لها جبين الحيوان قبل الإنسان، وبعد أن اغرقوا البلاد بالشرور وشبعوا نحرا وتقتيلا بالعباد، وحين أعيتهم طقوس الموت، أداروا ظهورهم مثل الخنازير غير المدجّنة صوب الصديق الأوفى والرفيق الأدعى، فما أن تهاوى عرش صدام المقبور ونظامه الأجرب المدحور، حتى شحذ الأخوة الأشاوس كل سيوفهم للاقتصاص، من من أزاح أخيهم وحبيبهم من كان على الأشلاء رقّاص، لينتشي بالنوم على الرمة، ليبني عرشه بدعوى الدفاع عن شرف الأمة، هكذا مرروا هذا الحقد المغلف بالانتماء إلى القومية الحبيبة، بمواقفهم غير النجيبة، والحقيقة أنهم ارتعبوا من أن تطالهم يد التغيير، فتنهار كراسيهم مثلما حدث لعدوهم بعد التحرير، وما جرى لحبيبهم الغرير. دول عربية عدة، بحكامها ومفكريها ومثقفيها، سخّرت كل ممكناتها للأخذ بالثأر لجلاد شعبه من كل من فكّر وخطّط وساهم في إزالة النظام البعثي الطاغوتي الأجرب من العراق، حيث طال الحقد حتى ذلك الذي تمنى يوما ما، في أن يتخلص من كابوس القمع البعثي، لتمتد أحقادهم إلى تصفية العراقيين عن بكرة أبيهم دونما تفريق أو تمييز، وبدا مسلسل النحر أياما بعيد سقوط الصنم، بحيث لم يفرق بين العراقيين، حتى شمل التفخيخ مدنا نائية ومسالمة، لا ناقة لها ولا جمل بتسهيل مهمة الأمريكان والحلفاء في غزو العراق، لم يكلف الأشقاء العرب أنفسهم، مجرد التفكر بخطورة تأليب الأوباش في نحر العراقيين من قبل نفايات العرب والعراقيين من متشددين وبعثيين أوغاد، حتى انفتحت الساحة العراقية على كل مناحي الفوضى، وسالت انهار من الدم العراقي الذي نؤكد نحن العراقيين ممن فقد حبيبا وغاليا وصديقا وقريبا، أن الثمن سيكون غاليا وسوف لن ينفع الندم حين يتذكر العراقيون المثكولين فقد أعزتهم، والويل لكل من ساهم بسفك الدم العراقي المقدس وسيتعمّد طريق الثأر بدماء شهداء العراق جميعا واني لقائلها. فليضع الأشقاء الأعداء في عقلهم المخروم أصلا، أنهم ذهبوا بعيدا في جعل الدم العراقي مباحا لكلابهم النجسة من عرب وعراقيين. إن دولا مثل قطر التي فتحت صنابير المال لتسهيل المهمة ومنح سمة المقاومة لجزاري القاعدة، واليمن التي أوجدت معسكرات لهؤلاء الجلادين على الصعيد الرسمي (عينك عينك) ليطل رئسهم البدوي المتخلف على شاشات التلفزيون ويستقبل (الجهاديين الأبطال) للذهاب لنحر العراقيين، حتى أداروا نصالهم نحوه، وهذه دول العربان التي لم ترتوي من سفك الدم العراقي حين دفعوا بصدام الأهوج ليقوم بمغامراته ومهاتراته وحروبه الرعناء يضاف إلى ذلك تصفية الملايين من أبناء الشعب العراقي سيما الأحبة الكرد، وحروب الإبادة التي واجهوها على يد صدام وأزلامه، دول الجوار هذه أرادت أن تتخلص من شرور هؤلاء القتلة فدفعت بهم لذبح العراقيين. مثلما فعلت مصر العروبة وتونس الخضراء والمغرب الأقصى ودولة موريتانيا والصومال والسودان الشقيق وحتى المتطوعين من السفهاء ممن يقطن دول أوربا وغيرها، كلهم كشّروا عن أنيابهم النتنة لمحو العراقيين وبشتى الوسائل، منهم المخطط ومنهم الممول ومنهم المسهل للرحيل، والجميع غض الطرف عنهم لا لأنهم يدافعون عن شرف الأمة المهدور وطرد المحتل من العراق كما يدعون، بل للتخلص من شرور هؤلاء ودغدغة عواطف القاعدة خصوصا في السعودية والمغرب العربي، ناسين أو متغافلين أنهم إنما بعملهم هذا يحفرون قبورهم بأيديهم لان الإرهاب لا دين ولا مذهب ولا ملة ولا قيم ولا بوصلة ولا إسطرلاب له، ويمكن أن يمتد الحريق من الخليج إلى المحيط إذا ما تمكن رعاع القاعدة من الأخذ بزمام المبادرة. والأدلة كثيرة في ذلك فكل الدول التي ساهمت في تسهيل مهمة القاعدة كلها ودون استثناء طالها وسيطالها شرور هذه المنظمة الضالة. فلا تغلبوا أحقادكم ضد العراقيين على النظر إلى المستقبل الزاحف بكل خرابه نحوكم، إذا ما تماديتم بأفعالكم الاجرامية هذه. نأتي إلى دول الشرور الأكبر التي كرست كل الامكانات المادية والمعنوية واللوجستية من تمويل وإيواء وتدريب وإعداد لتسريب نتن الرجال وعفن النساء إلى العراق لنحر العراقيين وبدم بارد وبسفالة ما بعدها سفالة. دول جارة لنا راحت تعزف على وتر محاربة الشيطان الأكبر فجندت الأوباش من عراقيين وعرب وأمدتهم بكل ما يلزم لتنفيذ مهامهم القذرة من إيواء ومعسكرات وتدريب وتمويل ومهام استخباراتية، والمصيبة العظمى أن جهودها جميعا جاءت بمشاركة عراقيين ما نظفوا ذواتهم بعد من تأثيرات السادية الصدامية، بعظهم الآن يشكلون المشهد السياسي العراقي من أعضاء برلمان وكيانات سياسية وحتى مسؤولين حكوميين واستمر نحر العراقيين بأقذر الوسائل وأبشعها. فامريكا غادرت، والعراق تحرر، ولكن جزاري العصر ظلوا يعبثون في الأرض العراقية المكلومة، وهم ينحرون عشرات العراقيين يوميا، ولا من سبيل للفكاك من مشاريع المحو هذه والتي تستهدف العمال والكسبة والمسحوقين والمدنيين المسالمين، فطوبى لهم من محررين أشاوس للأراضي المغتصبة، بقتل العراقيين ليكون مشروعهم هذا بوابة الوصول لتحرير القدس السليبة؟! وها هم اليوم يملئون ساحات الاعتصام بالأجساد البشرية المحشورة حشرا، رافعين شعارات القتلة من بعثيين وقاعدة وراياتهم الصدامية والظلامية السوداء ترفرف عاليا فوق رؤوسهم التي أفرغوها من خب العراق، ولا علاقة لها أبدا بالمطالب السلمية والتي وقفنا مع طالبيها، بعيدا عن الأهداف غير المعلنة والخبيثة، ليتحول البسطاء إلى وقود المحرقة دون وعي بخطورة الموقف. نأتي إلى زبدة الموضوع المتعلق بأشقائنا الرفاق البعثيين في قلعة العروبة والنضال، سوريا المقاتلة، هذه الشقيقة التهمت لوحدها أكثر من نصف الطبق العراقي من الضحايا باشره شهية التهاما للأجساد المغدورة وارتسافا للدم العراقي المراق على نغمات (والله زمن يا سلاحي ) و(عليهم يا خوتي). هذا البلد الشقيق والجار القريب إلى القلب شعبا طبعا، لا نظاما كريها فتح كل مساربه ومنافذه ومكوناته الأمنية والمخابراتية لاحتضان قتلة العراقيين من بعثيين فارين من حساب الشعب وملاحقة دماء الأبرياء وأنينهم، إلى متطوعين أنجاس من شتى البلدان العربية لتنفيذ نداء القاعدة بإبادة العراقيين، فكانت المعسكرات ودور الإيواء والناس المتواطئين وأدوات دعم التنفيذ وما إلى ذلك، هدفهم المعلن محاربة الاحتلال، والخفي الانتقام من العراقيين لأنهم أطاحوا بأشرس نظام قمعي في التاريخ الإنساني والذي يعتبر النظام السوري امتدادا ووريثا شرعيا له في القتل والإبادة، وخوفا من امتداد رياح التغيير لإنقاذ الشعب السوري من الطغاة، برروا أهدافهم غير المعلنة بوسائل هي من القذارة بالمساهمة المباشرة وغير المباشرة بنحر العراقيين وتمرير الآلاف من المتطوعين للقيام بتنفيذ جرائم فضيعة يعرفها القاصي والداني، ورغم كل هذه الأفعال التي سببت وتسبب الكوارث الرهيبة في العراق، كان يطل علينا المسؤولون السوريون وقبل ما آلت اليه سوريا الآن، ليعلنوا براءتهم من هذه التهم التي هي قرائن أكثر منها تهما، والكل متورط في الجرائم. أسوق للقارئ الكريم مثلا بسيطا ولكنه موثق ولا يقبل النقاش أو المداهنة كما عودنا السوريون وأجهزتهم الأمنية المنخورة بذراعها الذي طال لبنان المسالم من جهة والخنوع لقصف إسرائيل لمفاعلها النووي واحتلالها للجولان من جهة أخرى، واليوم تتعرض سوريا الذبيحة للدمار والخراب على يد أحبتهم بالأمس من مقاتلي القاعدة وصولات اسرائيل في سماء سوريا، ولكن ما عسانا أن نقول لمن ينطبق عليه وصف، إن كنت لا تستحي فافعل ما شئت. لي صديق يعيش ويعمل في مدريد قرر زيارة دمشق من اجل الالتقاء بعائلته هناك ثم الالتقاء بفتاة عراقية لخطبتها، وعند زيارته سفارة سوريا في مدريد للحصول على التأشيرة وخلال جلوسه في صالة الانتظار في السفارة، كان يشاهد العشرات من الملتحين العرب، كانوا بمجرد ما يسلمون جوازاتهم تعاد إليهم مع التأشيرة بسرعة البرق، كان معظم هؤلاء الشباب العرب من المغرب والجزائر ومصر وتونس وغيرها، وكان مظهرهم وملامحهم تدل بشكل لا يقبل الشك على أنهم من الإرهابيين، حيث أوعزت السلطات السورية لسفاراتها بتسهيل مهمة منحهم الفيزا دون تباطؤ. السؤال هنا، من يصدق من سوريين وعرب ملمين بتفاصيل الحكم السوري بقبضته الفولاذية، أن عشرات من هؤلاء الشباب هم سواح، كما يقول السيد المعلم حين واجهه الإعلام بهذا الاتهام؟ ثم هل من المعقول أن الأمن السوري بحكم سلطته الرهيبة والمخيفة في سوريا والتي لا تسمح بدخول نملة مشكوك فيها إلى الأراضي السورية، ثم الوصول إلى دمشق، ثم الالتقاء بسوريين أو غيرهم لاستلام هذه الفئة الضالة وتوفير الملاذ لها وتسهيل مهمة تحركها ثم إرسالها إلى العراق لتنفيذ أهدافها الخبيثة، هل يعقل أيها الضالعون في دهاليز الحكم السوري المخيف أن يمر آلاف العرب المتطوعين للقتال في العراق بعد وصولهم إلى محطات الوصول السورية وتركهم يسرحون ويمرحون وقوى الأمن السوري في غفلة من أمرهم. على من كان يضحك المسؤولون السوريون إذن؟؟ تبا لكل من ساهم في سفك الدم العراقي من قريب أو بعيد إن من يزرع شرا يحصد شرورا اخطر وها هي سوريا بنظامها القمعي وأجهزتها البوليسية والتي خططت لقتل العراقيين، ها هي تحصد ثمر الشر الذي زرعته في العراق وتبينت، بعد خراب حلب، أن الإرهاب سلاح لا بحدين بل بعشرات النصال، حيث كنا نقول ونحذر ونكتب عن هذا الموضوع بمقالاتنا العديدة، بأن السحر سينقلب على الساحر حين تتحول سوريا إلى ساحة قتل وموت من قبل من احتضنتهم بالأمس وها هي البوادر قد لاحت، وتبقى قلوبنا تقطر دما على الضحايا من الشعب السوري الطيب البريء والمسالم. اللهم لا شماتة، لأنها من شيم الخائبين. وأخيرا نقول لكل من أفتى ودعّم وساند الأوباش بالفتك بالعراقيين المظلومين ها هي بضاعتكم ردت إليكم، وستتلقون ردها لمرات ومرات. والدور آت اليكم حيث لا ينفع وقتها الندم وعض الأصابع.
|