لماذا خلق الشر ولم؟ |
احد اهم واكثر الاسئلة تداولاً وهو لماذا خلق الله الشر والفقر والحروب والأمراض، لماذا يمتلئ الكون بكل هذه المآسي، ويتبعها اسئلة على المستوى الشخصي لماذا فلان غني وانا فقير ، لماذا انا جمالي بسيط وغيري فائقة الجمال والخ ، وكم تنمينا لو تحصلنا على اجابة لهذة الاسئلة وما الحكمة مما نتعرض له خلال حياتنا من مأسياً .. كل الاجابات لاتعدو عن كونها مخدراً يهدئ الألم لفترة ولكن لايستأصله ولا يضع حد له .
لكن ماذا لو قارنا انفسنا بأحد انبياء الله ، صحيح ان للأنبياء خصائص ومميزات في غالب الاحيان تفوق البشر وتتجاوز قدرتنا على تحمل هذه الخصائص ومهام النبوة ، لكن لو نظرنا لنبي الله موسى عليه الصلاة والسلام لوجدناه أحد أكثر الأنبياء بشرية إن جاز التعبير، أنه أفضل نبي يمكن ان نقارن انفسنا معه لأنه لا يملك صفات تفوق البشر العاديين، مأساة النبي موسى الأساسية كانت داخلية كان مثل الكثيرين منا يعاني من مشاعر مختلفة ويعجر عن التعبير عن مافي داخله بسبب لثغة في لسانه “حرقت لسانه جمرة وهو طفل” ويعتريه القلق والضيق ويتعلثم متى أراد الكلام وكان دائم الدعاء (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي) ولو استعرضنا حياته لوجدناها مليئة بالصفات الانسانية “قلق مستمروخوف وارتكابه لجريمة قتل وهروبه” وحتى بعد نبوته وكلامه مع الله القلق كان يصيبه بين حين واخر ، وكلنا نعرف قصة رميه للالواح وضربه لأخيه وجره من رأسه ولحيته ، تخيلوا نبي يحطم ألواح الكتاب المقدس ويشد رأس أخيه إليه هو قمة في الضعف الإنساني والغضب البشري الطبيعي نبي بشري تماما .
نبي الله موسى كان مثلنا لديه أسئلة فلسفية كثيرة منها رؤية الله (رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ) لكن السؤال الأهم هو عن القدر وكيف يعمل “هو سؤالنا الأكثر ألحاحاً اليوم” فأمره عز وجل أن يلاقي الخضر عليه السلام “الخضر يمثل القدر ” يد الله التي تغير أقدار الناس ، الفريد هو انه قدر يتكلم ، قدر رحيم وعليم كما وصفه عز وجل .
يقول له موسى “هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا” يرد الخضر “إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا*وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا” جواب جوهري جدا فـفهم أقدار الله فوق إمكانيات عقلنا البشري ولن نصبر على التناقضات التي نراها ، يرد موسى بصفته البشرية “سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا” يجيب الخضر “فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى. أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا” وتبدأ رحلتهم ولن نسرد تفاصيل الرحلة لانها معروفة لكن سنوجز المغزى منها كالتالي:
الحالة الاولى شر يصيبك فتعرف بعد فترة انه خير: الشر شيء نسبي ومفهوم الشرعند البشر مفهوم قاصر لأننا لا نرى الصورة كاملة ،فما بدا شرا لأصحاب المركب اتضح أنه خير لهم وهذا القدر شر تراه فتحسبه شرا فيكشف الله لك أنه كان خيرا.
الحالة الثانية شر يصيبك ولا تعرف انه خير: قتل الغلام شر تراه فتحسبه شرا لكنه في الحقيقة خير ولا يكشف الله لك ذلك فتعيش عمرك تعتقد أنه شر فأم الغلام لم تعرف أبدا لما قتل.
الحالة الثالثة : هو الشر الذي يصرفه الله عنك دون أن تدري لطف الله الخفي الخير الذي يسوقه إليك مثل بناء الجدار لأيتام الرجل الصالح.
فهم اقدار الله فوق طاقتنا البشرية واكبر من عقولنا القاصرة ، فلو أخذنا امثلة أحدهم ذو بنية ضعيفة ويقول أن الله حرمه من الجسد القوي أليس من الممكن أن شخصيته متسلطة ولو كانت لديه القوة لأفترى على الناس، أخر حرمه الله المال أليس من الممكن أن يكون من الذين يَفتنون ويُفتنون بالمال وتكون نهايته وخيمة، أخر حرمه الله الجمال أليس من الممكن انه ذو شخصية استعراضية ولو منحه الله هذا الجمال لكان أكبر فتنة له.
سبحانه لم يخلقنا ليعذبنا او يقتص منا ولكن كل مايجري لمصلحتنا لكننا لا نعي ذلك الان كما لم تعه أم الغلام حتى توفيت. |