فيديو مثير في فضاء يحب الثرثرة

في الحياة الاجتماعية بتنا نصادف الكثير مما يحصل فيها أو نتوقع ما هو محتمل الحصول، وهذا الكثير يمكن أن يكون غير مغطّى قانونياً.يمكن لحدثٍ ما أو مشكلة أن تحصل ويمكن أن لا يكون هناك تشريع قانوني يغطي الحالة ويعطي حكما مشروعاً بشأنها.في مثل هذه الحالة لابدّ من جهة رسمية تكون مسؤولة عن مراقبة هكذا حالات وتعمل على ملء هذا (النقص) القانوني.
الحياة المعاصرة وتطورات وسائل الاتصال وأساليب استخدامها هي مصدر خصب للتحديات القانونية الآخذة بالاتساع والتي باتت تشكل مصدراً لمشكلات اجتماعية متنامية.تسريب فيديو عبر وسائل التواصل، مثلاً، يجري معه انتهاك الخصوصية هو حالة قد تجد لها المعالجة القانوينة ضمن إطار القوانين النافذة. لكن هذه المعالجة ستكون غير ممكنة حين يكون مصدر التسريب مجهولاً وحين تتعذر معرفته، وما أسهل التواجد المجهول في هذه الميديا المفتوحة.
المصدر مجهول، لكن الفيديو، إذا ما تسرّب وانتشر، فإنه عادةً ما يكون موضوعاً للتعليقات والنقل والترويج، وتزداد فرص نشره وتوسيع دائرة التشهير والمس بالخصوصية كلما كان موضوع الفيديو مثيراً وقابلاً للثرثرة في هذا الفضاء التواصلي المتطلّب دائماً للثرثرة والمسهّل لها. في مثل هذه الحالة يجري التساؤل عن غياب القانون. ما الموقف القانوني من شخص يجد أمامه فيديو فيعلق عليه سلباً أو إيجاباً؟ دعك من التعليق السلبي؛ ماذا عن التعليق الإيجابي، كأن يكون المعلّق يدافع عن الضحية المتضرر بالفيديو مجهول المصدر؟ مثل هذا التعليق، حتى مع حسن نيته، هو أيضاً شكلٌ من الترويج لفيديو تعتقد الأعراف الاجتماعية والأخلاقية بوجوب عدم الترويج له. في العادة يمتنع الإنسان، بدافع الضمير والأخلاق أولاً، عن أي تعليق يمكن أن يخدش خصوصية آخر أو آخرين سواه.
يمتنع الإنسان للدوافع المذكورة عن أن يعلّق سلباً حتى مع الجواز القانوني للتعليق السلبي، فيما قد يمتنع مَن هو أشد حِلماً وتدبّراً عن التعليق بوجهيه السلبي والإيجابي كلما كان الصمت على ذلك يسهم في حصر دائرة التشهير والطعن بما يمس خصوصيات الآخرين سواء أكان يعرفهم أم لا يعرفهم. لكن الحياة القانونية لا تترك كل شيء ليقظة الضمائر أو لسباتها. القانون عقد اجتماعي متفق عليه ليفصل بين الجميع وبما لا يترك هامشاً لاجتهادات التفكير والأخلاق وتفصيلهما المسموح والممنوع. الاجتهادات خارج إطار القانون هي نافذة للاختلاف. القانون وسيادة القانون هما وسيلة المجتمعات المتمدنة لحفظ الحقوق وسلامة الحياة والمصالح.من هنا تأتي الحاجة إلى أن يكون التشريع القانوني في الحياة المعاصرة وتحدياتها عملية دائمة الحركة والمراقبة والإنجاز بما يملأ أي فراغ قانوني ويردم أية ثغرة في التشريعات.الأصل في القانون هو العدل، لكن القانون، حتى وإن كان ظالماً، فإنه خيرٌ من غياب القانون.