وصفة لتفتيت العراق؟

 

يبدو ان ساسة العراق تناسوا انهم من صاغ الدستور العراقي وحددوا ملامح العراق الجديد بتوصيفات كانت غبر واضحة المعالم تتعلق بمستقبل العراق ووحدته وهويته فبدلا من ان يكون الدستور العتيد مجسدا لوحدة العراقيين وامالهم بوطن يستوعب الجميع ويعبر عن ارادتهم اصبح وبفعل بنوده العائمة والمبهمة احيانا مثار خلاف بين العراقيين اذ تم تمريره بصعوبة عبر استفتاء مطعون بنتائجه حسب المعترضين في حينهوفتحت الثغرات التي تضمنها الدستور العراقي الطريق لمطالبات رغم دستوريتها طبقا لما جاء بنص الدستور الا انها شكلت منعطفا جديدا مس اركان واسس الدولة وكيانها خصوصا النص المتعلق بحق كل محافظة ترغب بأنشاء اقليم بمفردها او مع اخرى بفدرالية وكأن العراق لايستقيم الا اذا تحول الى دويلات رغم اضفاء صفة الاقليم و الفدرالية عليها واذا توقفنا عند مواقف الساعين والرافضين لأنشاء الأقاليم والفدراليات نستطيع القول ان مركزية السلطة عطلت على مايبدو عمل مجالس المحافظات وحولتها الى مجرد هيكل لايستطيع ان يعمل من دون ايعاز من المركز دفعت وشجعت الداعين لخيار الأقليم لشعورهم بالتهميش تارة وبالاحباط تارة اخرىونظرة على اوضاع العراق ومايشهده من تجاذبات بين القائمين على العملية السياسية فانه غير مهيأ في الوقت الحاضر لخطوات قد تزيد من تفاقم هذه الأوضاع خصوصاً اضعافه وتحويله الى مجرد كيان متشظي متعدد الاطراف.وهذا المنحى سيضع العراق برمته سواء المركز او أطرافه في دائرة الاستهداف الخارجي لان في ضعفه تشجيعاً للطامعين بأرضه وثروته ومايزيد من مخاطر هذا التوجه نحو تشكيل الاقاليم والفدراليات الطابع الطائفي والعرقي لجوهر هذه التوجهات مايقوض وحدة العراق ويضعه كيانه على طاولة التجزئة التي ستقضي على امال أستمرار وحدته.وكان من المفترض ان تراجع اطراف العملية السياسية الدستور وتعديله بعد اقراره وبما يعزز وحدة العراق ويبرز هويته الا ان هؤلاء وضعوا هذا الاستحقاق على الرف دون النظر الى معالجة اثار نصوصه على وحدة العراق بدافع التملص من استحقاق هو وطني بالاحوال كافة وتسبب هذا الاهمال لقضية تتعلق بتعزيز اواصر العيش المشترك تحت خيمة وطن آمن وموحد ويوفر للجميع الملاذ من مخاطر العنف الطائفي ومحاولات تقسيمه الى دويلات .بشعور قطاعات كبيرة من العراقيين بالأحباط واليأس من محاولات تقطيع اوصال بلدهم باستغلال بعض بنود الدستور ومهما بلغ سطوة السلطة المركزية على الأطراف فان ذلك لايبرر مطلقاً الذهاب الى خيار مضاد ونقصد انشاء كيانات على اساس الطائفة والعرق هو بكل الأحوال خيار لايتوافق مع وحدة المصير والعيش المشترك.ومبدأ الشراكة الحقيقية التي تجنب العراق التقسيم والتجزئة ورغم تباين المواقف و الاراء فالعراق ملك للجميع ولايمكن لاي طرف ان يستحوذ على مقدراته ويسلب حق الاخرين في تقرير مصيره وتجربة السنوات التي اعقبت غزو العراق تؤكد بما لايقبل الشك وبتقديرنا. ان من دون الأقلاع عن هذه الهواجس وتحقيق مبدأ التوازن وأشتراطات الشراكة الوطنية الحقيقية سيبقى العراق عليلاً ضعيفاً مهدداً بالتفتيت ومستباحاً من قبل الاخرين.وحتى نسد المنافذ بوجه الدعوات التي تستهدف وحدة العراق ارضاً وشعباً المطلوب تعديل الدستور لاسيما البنود التي يتذرع بها البعض لتمرير دعوته لانشاء الاقاليم والفدراليات ونزيل الالغام حتي لايتحول الدستور الى وصفة لتفتيت العراق.