تضخم وتمدد تنظيم داعش في العراق وسوريا وليبيا كأثر للعبة المكايدة السياسية محليا واقليميا ودوليا !!؟؟ ****************************************************** لا شك ان تنظيم داعش ساهمت المكايدة السياسية بين الخصوم المحليين والاقليميين وكذلك الدوليين في سرعة نموه وتمدده سواء في سوريا والعراق أو في ليبيا كما يلي :
(1) ففي سوريا والعراق ربما رأت المخابرات السورية والايرانية في وجود هذا التنظيم الارهابي المتوحش ، المحسوب على الطائفة السنية والطريقة السلفية ، وتضخيم وجوده وحجمه مصلحة لها في تشويه الثورة السورية الشعبية وخلط الاوراق فيها كي يختلط الحابل بالنابل وبالتالي يظهر نظام الأسد كما لو انه ليس في مواجهة (ثورة شعبية) إنما (تنظيمات ارهابية) و(مؤامرة دولية عربية وغربية) ضده !، في المقابل ربما جهات عربية وحتى غربية رأت بالفعل أن تقوية تنظيم داعش في بداية ظهوره واستعماله كقوة ضاربة أمرا يخدم مصلحة تكتيكية مرحلية للتعجيل باسقاط نظام الاسد !، وهكذا من المحتمل ان التنظيم في بداية ظهوره، وقبل التدخل العسكري الدولي، كان يتلقى مساعدات مالية او حربية بطرق ملتوية من الطرفين معا، ولكل طرف تكتيكاته وحساباته الخبيثة!، الطرف المؤيد لنظام بشار الاسد (ايران وروسيا وحزب الله) والطرف الذي يدعم الثوار ويستهدف اسقاطه (دول غربية كأمريكا واوروبا وعربية كقطر والسعودية)!، ولكن هذا لا يعني قطعا ان هؤلاء أو اولئك هم من صنع هذا التنظيم الاسلاماوي السني المتوحش، فالفكرة كانت موجودة منذ عقود في عقول الجهاديين بل ربما موجودة منذ قرون في بطون الكتب!، والتنظيم العضوي الجماعي الحركي كان موجودا في العراق بصور بدائية اخرى واسماء اخرى - (تنظيم القاعدة في العراق/الزرقاوي)(مجلس شورى المجاهدين)(تنظيم الدولة الاسلامية في العراق)(تنظيم الدولة في العراق والشام/داعش) ثم (تنظيم الدولة الاسلامية العام)، فالتنظيم من حيث الفكرة والايديولوجيا الدينية والسياسية والتكوين الجماعي الجهادي الحركي العضوي المسلح كان موجودا يتطور ويتحور في طور مراحل النشوء والتطور حتى قبل ثورات الربيع العربي!، وكان بعض انصار نظام البعث وصدام حسين في ذلك الوقت يدعمونه سرا وعلانية بغرض زعزعة النظام العراقي الجديد المدعوم من امريكا وايران والانتقام من الغرب والقوى المحلية التي حلت محل نظام صدام حسين!.
(2) أما في ليبيا سواء في مدينة (درنة) او مدينة (بنغازي) في الشرق الليبي (اقليم برقة) او في مدينة (سرت) وبدرجة اقل (صبراتة) في الغرب الليبي (اقليم طرابلس) فلا استبعد ان تكون المكايدة السياسية المحلية لعبت دورا كبيرا في تضخيم وتمكين وتمدد تنظيم الدولة الداعشية أيضا وتغذيته بالمال والسلاح ! ، فمن جهة كان الاسلاميون والقوى المتحالفة معهم المسيطرون على العاصمة الليبية (طرابلس) يساندون عام 2013 سرا هذا التنظيم في سرت ودرنة وبنغازي ويمدونه بالمال والعتاد لا حبا فيه او قناعة بأفكاره بل لاستعماله كقوة ضاربة مخيفة ضد خصومهم العسكريين والسياسيين والقبليين خصوصا في المنطقة الشرقية (برقة)!، وكذلك في سرت رأى قادة عسكريون وأمنيون وسياسيون من مصراتة وطرابلس عام 2013 أن مصلحتهم تقتضي طرد قوات الصاعقة التابعة للجيش في بنغازي، عاصمة اقليم برقة، من مدينة (سرت) التي تمثل الحد الفاصل بين الاقليمين الليبيين (طرابلس وبرقة) ، هذه المدينة التي كانت تتبع تقليديا في العهد الايطالي محافظة مصراتة ، فوجود قوات الصاعقة التابعة للجيش في برقة كان يقلق ويزعج مصراتة وكذلك الاسلاميين المسيطرين على العاصمة!، وكانت هذه الكتيبة التابعة للجيش في بنغازي المستقرة في سرت تحت اسم (شهداء الزاوية) بقيادة العقيد (صلاح بوحليقة) تتعرض لهجمات جماعة انصار الشريعة ربما بدعم من بعض قادة مصراتة وقادة الاسلاميين المسيطرين على طرابلس والمؤتمر الوطني ، حيث كان تنظيم انصار الشريعة في سرت يومها بقيادة أمير اسلامي متطرف مصراتي يكنى (أبوعلي) واسمه (احمد علي التير) ، وظل هذا التنظيم المتطرف المسلح يهاجم قوات الجيش التابعة لصاعقة بنغازي في سرت بدعم من الاسلاميين في مصراتة وصبراتة وطرابلس حتى تمكن من القضاء على كتيبة الصاعقة وتحطيم قوتها وبالتالي اجبارها على مغادرة سرت نهائيا نحو بنغازي خصوصا بعد ان تمكن اعوان انصار الشريعة في وقت سابق من اغتيال (العقيد بوحليقة) عن طريق حادث سير مدبر بطريقة ماكرة كي يبدو كما لو انه حادث سير بالفعل! ، ثم وبعد سيطرة انصار الشريعة على سرت اعلنت الجماعة في وقت لاحق مبايعتها لتنظيم الدولة (داعش) في العراق (البغدادي) لتصبح سرت، عن طريق سيطرة الدواعش ومهادنة بقية الاسلاميين لهم، لدواعي سياسية، منطقة عازلة ومعزولة تماما كحال مدينة (درنة) في الشرق الليبي التي سمح فيها الاسلاميون للدواعش بالسيطرة عليها لحسابات سياسية وامنية ماكرة بغرض عزل المدينة عن محيطها الاجتماعي (برقة) من جهة ومن جهة لحمايتها من هجوم الجيش، وكذلك الحال غربا، فانصار الشريعة ، (الجناح المصراتي الصبراتي)، بعد سيطرتهم على سرت وتحولهم الى دواعش اصبحت هناك هدنة بينهم وبين الاسلاميين الآخرين (تحالف المقاتلة/الاخوان) الذين يسيطرون على طرابلس ومصراتة وكذلك الحال في درنة وبنغازي ، تحالف ايديولوجي/جهوي/سياسي وعسكري (فجر ليبيا) في مواجهة تحالف اجتماعي اهلي وقبلي وسياسي وعسكري ضدهم في الشرق (عملية الكرامة بقيادة حفتر) ، وظل الحال على هذا المنوال حتى انهارت الهدنة بين الدواعش المسيطرين على سرت وصبراتة وتحالف فجر ليبيا المسيطر على طرابلس ومصراتة بسبب تعرض قادة مصراتة الى ضغوطات غربية تحفزهم من جهة على الدخول في حوار سياسي مع الشرق الليبي (الصخيرات)، ومن جهة اخرى تحفزهم على مهاجمة تنظيم داعش في سرت بكل قوتهم بمساعدة الطيران الغربي كشرط لضمان نصيبهم في السلطة الادارية والعسكرية في ليبيا الجديدة مستقبلا ! ، وهكذا انهارت الهدنة الطويلة بين الطرفين (الدواعش) و(قادة فجر ليبيا) وانتهى (زواج المتعة) أو (زواج المصلحة) بينهم، وانسحب الدواعش من درنة وبنغازي لنصرة مركز التنظيم في سرت ضد هجوم مصراتة والطيران الغربي المرتقب (*) ! ، وفي المقابل لا يمكن هنا اغفال حقيقة أن بعض انصار نظام القذافي السابق (الازلام) كانوا يدعمون تنظيم داعش سرا وعلانية في سرت خصوصا في مبدأ ظهوره هناك بل وربما مده بالمال والعتاد كنوع من التشفي والانتقام من الثورة ولتعطيل مسار بناء الدولة اي كما دعم انصار البعث وصدام حسين تنظيم القاعدة والزرقاوي قبل ثورات الربيع العربي!.
وهكذا .... !؟ وهكذا لا يمكن موضوعيا انكار الدور الكبير الذي لعبته لعبة (المكايدة السياسية) على المستوى المحلي والاقليمي والدولي في تضخيم وتمدد تنظيم الدواعش، مع اقرارنا أنه ليس هؤلاء اللاعبون الدوليون الكبار او اللاعبون المحليون والاقليميون الصغار هم من صنعوه اساسا، فالفكرة والتنظيم كانا موجودين قبل ذلك بعقود باسماء اخرى وكان ينمو ويتطور ايديولوجيا وتنظيميا وعسكريا واداريا وكذلك على الارض ببطء كما لو أنه سرطان في مراحله الأولى حتى جاءت ثورات الربيع العربي وما نتج عنها من فوضى عارمة فكانت الفرصة السانحة لهم للظهور والتحرك بشكل اكبر واوسع واسرع! ، وخدمتهم كما ذكرنا في هذا النمو والانتشار السرطاني ظروف لعبة المكايدة السياسية بين الخصوم السياسيين الدوليين والاقليميين والمحليين حتى خرج التنظيم عن نطاق السيطرة ورأى هؤلاء اللاعبون الكبار والصغار السعي للتخلص منه في اسرع وقت ممكن! ، وهو ما يجري الآن في سوريا والعراق وفي ليبيا ايضا !. ******* سليم الرقعي مارس 2017 (*) يقال أن قوات الجيش في الشرق بقيادة (اللواء خليفة حفتر) سمحت للدواعش في الشرق الليبي بالانسحاب من مدينتي درنة وبنغازي وذلك لحسابات عسكرية وسياسية تكتيكية ماكرة! ، فمن ناحية انسحاب هؤلاء من بنغازي ودرنة سيضعف المقاتلين المسلحين المتحالفين معهم والذين يقاتلون الجيش في بنغازي وهم عبارة عن خليط (من انصار الشريعة والقاعدة والمقاتلة والاخوان وبعض اصحاب التوجهات العصبية المصراتية في بنغازي) تحت مسمى (مجلس شورى ثوار بنغازي!؟) بحيث يصب هذا الانسحاب في صالح الجيش ويجعله يتقدم في معركة بنغازي ميدانيا وهو ما حصل بالفعل بعد انسحاب الدواعش من المدينة وفك ارتباطهم وتحالفهم مع مجلس ذلك الخليط المذكور(مجلس الشورى!!؟؟)، ومن ناحية اخرى فإن ذهابهم الى سرت يعني سياسيا وعسكريا القائهم في ملعب خصم آخر اخبث وأكبر من هؤلاء الدواعش انفسهم وهو تحالف (فجر ليبيا) وهو خليط من (بعض قادة مصراتة وكتائب ودروع الاسلاميين في الغرب)، وأنا شخصيا لا استبعد هذا التكتيك الماكر والذي اذا حصل بالفعل كما قيل بهذا الغرض فهو يعد تصرفا عسكريا وسياسيا ماكرا من قيادة جيش الكرامة في الشرق الليبي، ولكنه في عالم الحروب والصراعات السياسية يعد تصرفا مفهوما بل يعد (تكتيك ذكي) ينم عن دهاء عسكري وبعد نظر سياسي!!.
|