بين واشنطن وانقرة وطهران ضاعت السيادة !

منذ ان تسلم الرئيس الاميركي الخامس والاربعون دونالد ترامب مقاليد الحكم من اوباما ، فان الاخبار لم تنفك تتحدث عن توجه جديد للادارة الاميركية تجاه العراق تعيد من خلاله تصحيح مسار العملية السياسية وتضعها على سكة الديمقراطية .. سيناريوهات متعددة كلها تتمحور بشأن ما يسمى مشروع ترامب لاعمار العراق وكلها تركز على وقف تدخل طهران في الشأن العراقي وانهاء اذرعها الممتدة من خلال الميليشيات الطائفية وازاحة الاحزاب الاسلاموية المهيمنة على المشهد السياسي .. الاراء والتحليلات كثيرة كل حسب هواه لكنها تلتقي عند حقيقة واحدة هو الفشل الذريع لرموز العملية السياسية ممن نصبتهم اميركا نفسها في تحقيق شيء من لاستقرار في وطن عصفت به الازمات وتهدده مخاطر التقسيم وملايين النازحين والمشردين والمهجرين وفساد لم يسبق له مثيل .. وبقدر ما تتحمل الادارة الاميركية القسط الاوفر من مسؤولية ما حدث ويحدث منذ احتلالها للعراق ، فان من ركب موجة العملية السياسية وتحكم بجميع مفاصل ما بقي من دولة بالمحاصصة هم ايضا مسؤولون بشكل مباشر عن كل هذا الفشل والخراب حيث تعمدوا تشريع قوانين تخدم مصالحهم وتتناقض والحد الادنى من حقوق المواطن بل تتقاطع وابسط شروط السيادة عندما ارتضوا ان يرهنوا العراق بيد الغير الخارجي وصار الحج الى طهران وانقرة وسيلة الاحزاب الطائفية وبجميع مسمياتها لما اسموه بتقاسم السلطة وما تعنيه من مغانم .. قد تكون طهران اللاعب الاساس في العراق وهو ما لايحتاج الى دليل غير ان لايعني ان انقرة لم تبحث عن مكان لها برغم ما واجهته وتواجهه من صعوبات .. فكانت انقرة وطهران تتسابقان من خلال ولاءات لا وطنية لاحزاب طائفية تتكأ على مساعدة ودعم هذين الطرفين الاقليمين على حساب ما بقي من سيادة شكلية ..كما ان عين واشنطن هي الاخرى لم تكن بعيدة عن كل ما يحصل .. ومن السذاجة برأينا المتواضع القبول بالاراء التي تروج عن ان ما حصل من تمددات اقليمية وفوضى وفساد كان خارج سيطرة الارادة الاميركية او انه جراء حسابات خاطئة ارتكبتها .. فدولة مؤسسات تتحكم فيها الشركات عابرة للقارات مثل الولايات المتحدة الاميركية اعتادت ان تضع الخطط التي تضمن لها مصالحها في المنطقة ومن بين هذه الخطط احتلال العراق وابقائه ضعيفا تتجاذبه العواصف والاهواء وتغييب روح المواطنة فكانت قراراتها بتشكيل مجلس الحكم على وفق المحاصصة بداية تنفيذ مخططها تجاه العراق وتسليم السلطة

لشخصيات ترسخ عناصر الفرقة والتمزق بين ابناء الوطن الواحد وتشيع الفساد وضياع الامن والقانون ..

بالمقابل كانت التيارات الوطنية شيوعية او قومية ضعيفة ولا قدرة لها على مواجهة التيارات الاسلاموية وزاد من ضعفها عدم قدرتها على توحيد خطابها وتنظيم الجماهير باتجاه هدف وطني شعبي هو تشكيل دولة مدنية تعيد للوطن والمواطن عافيته وتصحح المسارات الخاطئة ..

وازاء ما يطرح من بداية تنفيذ التغيير بارادة اميركية حتى وصف البعض زيارة رئيس الوزراء حيدر العبادي الى واشنطن بانه استدعاء لاعلامه بما تريده الادارة الاميركية ودوره في تنفيذ ذلك رافق ذلك اخبار من هنا وهناك بان طهران مستعدة للتخلي عن رجالاتها في العراق اذا ضمنت لها واشنطن مصالحها ، اما جماعة مؤتمر تركيا وقبله جنيف فان المتداول ( ان الدول الراعية لمؤتمر تركيا سحبت يدها من جميع الذين حضروه .. والادارة الاميركية لاتريد اي نفوذ لاحد من الدول الاقليمية على العملية السياسية المقبلة في العراق .. )..

وفي كل الاحوال وسواء نفذ ترامب مشروع ( النفط مقابل البناء والاعمار ) ام لا ، فأن الاشهر المقبلة ستشهد تغييرات تحسمها نتائج الانتخابات المقبلة بوجوه جديدة .. و السؤال الذي يطرح نفسه اين هي السيادة ؟ وماذا بقي منها ؟!وما الذي ينتظرنا نحن المواطنون المكتون بالمحاصصة وافرازاتها ؟