غالية دموعك ياعراق

 

تناول الاثاريون والباحثون بكتاباتهم عن تاريخ الشرق القديم ولامسوا بزوغ فجر الحضارة في بلاد ما بين النهرين وامتدادات اشعاعاتها التي انارت الطريق امام الاخرين حضارة سومر واكد وبابل واشور برزت في زمن كان الانسان محاطا بكل غامض مبهم , وكانت الظواهر الطبيعية التي تكشف حياته سلسلة من الغاز ..

لقد ادرك الانسان العراقي معنى وجوده ودوره على الارض ناقلا لرسالات السماء ومعلما للحروف وماسكا بزمام ميزان العدل وهو يرسم القواعد القانونية ومبادىء حقوق الانسان فيبني ويعمر وبنفس الوقت كان وما يزال يرى ان الحرب ثقافة بقدر ما هي مهارة وقدرة على القتال انه جندي مدرك للابعاد العميقة لنظرية الحرب وهو اكثر ثقة بنفسه واكثر صمودا حينما يدافع عن بلاده ضد أي معتد اثم ..

هذا الاحساس النبيل بعمق الانتماء للوطن وللقيم قاده الى الايمان بان التاريخ تصنعه المعارك الكبرى كما يقول ونستون تشرشل .. وبات مصير العراقيين مرسوما على الخارطة ومنذ بداية ظهورهم كأمة ضاربة تضرب بيد من حديد الحملات الغازية الطامعة باحتلال الوطن الام حيث الارض والعرض والخيرات وشرف الجندية فنزلوا على الاثر دماء زكية وهم يدفعون عن البلاد خطر الجيوش المناوئة او قوات البدو الغازية  .

فلو شاء لنا ان نتصفح صفحات الظلم عبر التاريخ لوجدنا ان حظ العراقيين منها الشيء الكثير نزولا من العصر ما قبل الكتابي وحتى يومنا الحالي .. فالجندية وخدمة اطماع الحاكمين كان لها النصيب الاوفر وسقوط بغداد على ايدي المغول البرابرة عام 1258 اتى على الاحوال المعيشية وحرم العقول من العلم والكتاب ثم جاءت فترات الحكم العثماني المتخلف لتزيد الطين بلة ثم اردفها المحتلون الانكليز بغزوة قالوا عنها بانها فاتحة خير ورخاء وتحرير وما كانت الا كذبة استحقت لعنة التاريخ وثورة العشرين .

وما كاد يتنفس الصعداء في العهد الجمهوري الأول الا وانتفض مجرمو البعث ومن ورائهم العروبيون والصهاينة والامريكان فالتفوا على السلطة وتربعوا على الكراسي ليذيقوا الشرفاء ذل الهوان ويحزوا رقابهم الشامخة .. ويشغلوا البلاد والعباد بحروب تقضي على الزرع وتيبس الضرع ..

وبعد تلك المحن والمصائب جاء المحررون الجدد الدواعش من وراء الحدود وهم مدججون بالاسلحة النارية وحزام الطائفية وانواع الكواتم والمفخخات واللواصق والأحزمة الناسفة وملتحون وهابيون شعارهم الإسلام وهو التعصب والعراقي مهدور الدم والعرض والمال ..!