لنؤسس موضوعنا هذا على المادة ٥ من القانون ذي الرقم ٢٦ لعام ٢٠١٣ النافذ، والتي تنص على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن (3) ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار، كل من يداعي بمطالبة عشائرية او غير قانونية ضد طبيب عن نتائج أعماله الطبية".
إلحاقا بذلك تبينت حالات ابتزازات مالية، غير قليلة، يتعرض لها أطباء.. تجري وقائعها في اروقة العيادات والمقاهي والبيوت من قبل المتجاوزين على القانون بأسم العرف العشائري، تدعمهم أطماع جهول، لا تقدر حق الطبيب بالمحاولة، التي قد تسفر عن فشل أو نجاح "لكم الذكر وله الأنثى" لا يشكرون طبيبا حين يبذل جهدا خارقا، في عمليات فوق الكبرى، تستغرق ليلة ونهاراً يخرج منها بإعياء يبلغ حد الأغماء، تتلوه عافية المريض، في حين يوسعونه ذماً وربما ضربا.. يعتدون عليه بقبضاتهم ويطالبونه بـ (فصل) عشائري.
لكن ثمة بدعة إستحدثت خلاف الشرع والقانون والعرف العشائري الأصيل، أقحمها في سياقات أداء العشائري؛ مدّعو المشيخة.. أنصاف الشيوخ، ومن حولهم المهللين الذين فرحوا لها لأنهم غشيمين بأهمية الدور الإنساني الذي يؤديه الطبيب.
يضطر الاطباء.. تحت ضغط التهديد.. الى دفع المبالغ الضخمة، التي تطالب بها العشيرة (فصلا) يدفع بصمت تام خوفا على اطفاله وحياته وعائلته وسمعته، من دون اللجوء للشرطة والقضاء ولا أي نوع من الدفاع، إتقاءَ الفضيحةِ؛ فالطبيب صيت، إن شابه تلكؤ، ضاع مستقبله "إذا إبتليتم فإستتروا" بعيدا عن القضاء ووزارة الصحة ونقابة الأطباء.
امام هذه المآسي التي تحيق بالملاكات الطبية، يحق لنا أن نسائل اللجنة القانونية في فرع بغداد من نقابة الاطباء: ماهي الأساليب المستخدمة من قبل رؤساء عصابات الابتزاز؟ وكم حادثةً سمعتم بها؟ وكيف نحمي الأطباء من التهديد والابتزاز، اللذين يؤديان بهم الى دفع المبالغ المطلوبة، فصلاً؟ وماهي طرق تطبيق المادة (5) من قانون رقم (26)؟ والأثر الرجعي لإسترداد المبالغ المستحصلة من الأطباء كرها؟
الإجابة العملية.. ميدانياً على هذه التساؤلات، من قبل اللجنة القانونية، سواء أفي فرع بغداد أم المقر العام للنقابة، من شأنه قطع دابر الفتنة؛ حينها يأخذ الطبيب مكانته المكفولة قانونيا ونقابيا ووزاريا، برصانة راسخة، تمكنه من أداء عمله بإسترخاء إبداعي متفاعل مع الحالات التي يستقبلها.
وإذ أتفانى في الدفاع عن زملائي، هذا لا يعني التواطؤ مع المتاجرين بالمهنة، يسلخونها عن إنسانيتها، متنصلين من قسم أبقراط الذي قطعوه على أنفسهم، أوان التخرج في كلية الطب، مبتعدين عن شروط المهنة، إقترابا من لغة السوق التي لا تليق بمستشفى أبيض الأركان، مثل قلوب حوريات الجنة ورفيف أجنحة الملائكة.
|