عندما يتحول المعلم إلى تاجر

 

يبدو أن تقلبات الزمن لم تدع شيئاً إلا وأفسدته ، حتى أصبح الفساد سمة حياتنا العراقية الحاضرة .

 

فساد سياسي لم يعرف له تاريخ العراق مثيلاً من هولاكو إلى صدام حسين ..!!

 

فساد إقتصادي لم يشهده سابق ولا لاحق ، فالمناصب الحكومية أصبحت بقرة حلوباً تملأ الجيوب والبنوك محلية وأجنبية ..!!

 

لاتهم أحد صفة المنصب .. المهم مايدره من مكاسب مالية وإعتبارية فالمنصب بلا مال لاجدوى منه ، والمنصب بلا حاشية كالكرسي بلا جلاس ..!

 

حتى مجالس الفاتحة صارت أمكنة يتسيد فيها هذا الشيخ وذاك ، شيوخ هذا الزمان الذين إكتسبوا المشيخة تصنعاً لا كفاءة ، وهيبة مصطنعة ..!

 

ومن فساد هذه الأيام السوداء فساد المدرسة وفساد المعلم وفساد وزير التربية ومدراؤه وفساد من يديرون وزارته عبر التمرحل الزمني ..!

 

فساد متوارث جاء مع التغيير الأمريكي للدكتاتورية البعثية .

 

مدراء التربية أغلبهم من الحواشي المقربة من المسؤول الفلاني أو من المسؤول الحزبي العلاني ، والإشراف التربوي صار كمزرعة الأرانب ، للوجهاء وللمقربين ولأقرباء أصحاب النفوذ ، وليس حال التربية نشازاً فهي وزارة كغيرها ، كوزارة الصحة المريضة , وكوزارة الكهرباء الكسيحة وكحال أمانة بغداد التي أدارها الحرامية واليوم تديرها مهندسة لاتفرق بين النظافة والأوساخ ، و.. و .. وتطول القائمة ..!

 

أعود إلى وزارة التربية والى المدرس والأستاذ الخصوصي الذي صار في أيامنا مظهراً من مظاهر الفساد .

 

لماذا المدرس الخصوصي ، إذا أخلص ذلك المدرس في أداء واجبه بمهنية وإخلاص ..؟!

 

بالطبع الجواب لاضرورة له ، ولكن مايجري اليوم في مدارسنا التي تفتقد لكثير من مقومات المدرسة الناجحة ، هو أمر عجب ، فالمدرس المريض والمعلم الفاسد لا يقوم بواجبه التعليمي بشكل صحيح إرغاماً للطلاب ليسجلوا عنده في دروس خصوصية يرفع بها مدخوله الشهري ، ولم لا وبقية المناصب تدر ذهباً ، هل النائب أفضل منه ..؟!

 

بصريح العبارة أقول : على وزارة التربية أن تتخذ إجراءات فورية بوقف مهزلة الدروس الخصوصية ، ومعاقبة من يقوم بها ، فأهالي الطلاب من سواد هذا الشعب المبتلى صارت الدروس الخصوصية عبئاً على لقمة عيشهم ، فإلى أي صوب يلتفتون ..؟؟ إلى الإيجارات  ,أو إلى الرواتب المرشقة , أو إلى صيدليات الدواء التي صارت أثمانها بفضل وزارة فاشلة كوزارة الصحة فوق طاقة المواطن الذي أرهقته الحياة  .

 

الدروس الخصوصية أضحت في هذا العهد الحاضر وسيلة إرتزاق لمدرسين إمتهنوا التعليم كتجارة تدر عليهم ماتدره بقية المناصب الحكومية ، وهذه التجارة ضررها كأضرار الأوبئة السرطانية فيا وزارة التربية استيقظي من نومك فشخيرك ملأ الآفاق  ..!!

 

تنبيه : التصرف الفردي لا يبيح التعميم , فان وجد المعلم الذي يتاجر بأشرف مهنة فهناك المعلم النظيف الذي يحترم وظيفته .

 

 فطوبى لهم وحرسهم الله من كل سوء وبارك بأعمارهم وبرواتبهم .