أفضى سقوط النظام السابق عام 2003 م إلى انفتاحِ أبواب المنافذ الحدودية العراقية عَلَى مصاريعِها أمام مختلف أنواع السلع والبضائع الأجنبية، إذ أصبح السوق المحلي بفعلِ قرارات الحاكم المدني بول بريمر طارداً للمنتجِ الوطني، وملاذاً للرديء وربما التالف مِنْ الموادِ المصنعة أو المنتجة فِي مختلفِ دول العالم، وَأَدْهَى مِنْ ذلك أنَّ بعضَ تلك البضائع تباع بأسعارٍ لا تسد حتى تكاليف أجور نقلها، الأمر الَّذِي يزيد الشكوك حول نوايا البلدان المصدرة لتلك البضائع، فضلاً عَنْ الخشيةِ مِنْ تنامي الأسباب المؤدية إلى انهيارِ المرتكزات الرئيسة الَّتِي يقوم عليها الاقتصاد العراقي؛ جراء إيغال الإدارات المحلية المعنية بالأمرِ فِي توسيعِ فرصِ دخول المنتجات المشار إليها آنفاً إلى البلاد.
لا رَيْبَ أَنَّ تعطشَ السوق المحلي لمختلفِ السلع والبضائع؛ جراء طبيعة الآثار الانعكاسية الَّتِي ترتبت عَلَى تطبيقِ المنظمة الأممية القراراتِ الخاصة بالحصارِ الاقتصادي لأكثر مِنْ عقدٍ مِنْ الزمان عَلَى خلفيةِ عبثية سياسات النظام السابق، لا يمكن أنْ يكونَ مبرراً لهذه السياسةِ غير المخطط لها، وَالَّتِي انعكست بآثارٍ كبيرة عَلَى الاقتصادِ العراقي فٍي عمومِ قطاعاته، إذ أدى تطبيقها إلى تراجعِ إنتاجية القِطاع الصناعي وتوقف الكثير مِنْ المصانع والمعامل، إلى جانبِ تلاشي فاعلية القِطاع الخاص بفعلِ انخفاض القدرة التنافسية للسلعِ والمنتجات المحلية، فضلاً عَنْ انحسارِ المحاصيل والمنتجات الزراعية المحلية؛ نتيجة عدم قدرة المزارعين والفلاحين العراقيين عَلَى مواكبةِ أسعار المعروض مِنْ المنتجاتِ الزراعية المستوردة مِنْ مختلفِ بلدانِ العالم؛ جراء انخفاض أسعارها بالمقارنةِ مع المنتجاتِ المحلية.
لا مغالاةً فِي القولِ إنَّ السوقَ المحلي يعاني حالياً من جملةِ مشكلاتٍ مؤثرة، في المقدمةِ منها تنامي الفعاليات الخاصة بتداولِ الكثير مِنْ المنتجاتِ الغذائية التالفة أو منتهية الصلاحية بأنواعِها الصلبة أو السائلة نتيجة رداءة صنعها أو انتهاء صلاحيتها. إذ تتوالى إعلانات دوائر مكافحة الجريمة الاقتصادية، فضلاً عنْ فرقِ الرقابة الصحية مَا بَينَ الحينِ والآخر عَنْ تمكنِ جهد مفاصلها مِنْ ضبطِ وإتلاف شحنات كبيرة مِنْ مختلفِ أنواع المواد الغذائية أجنبية المنشأ، المتضمنة في أغلبِ الأحيان عَلَى معلبات، مشروبات، لحوم، زيوت نباتية وأجبان مستهلكة؛ بالنظرِ لعدمِ صلاحيتها للاستهلاكِ البشري
يمكن القول إنَّ تغطيةَ احتياجات السوق المحلي مِنْ السلع والبضائع أجنبية المنشـأ كان مرده إلى جملةِ عواملٍ موضوعية ساهمت فِي بلورةِ وإنضاج ما ظهر مِنْ التوجهاتِ الَّتِي قادت إدارة التجارة إلى الركون للعشوائيةِ فِي عمليةِ الاستيراد، وَالَّتِي أفضت إلى المساهمةِ فِي تقييدِ إنتاجية عموم قِطاعات الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى تفاقمِ عوامل المشكلات الَّتِي مِنْ شأنِها الإضرار بسلامةِ البيئة المحلية بعد أنْ عمد بعض التجار إلى إدخالِ شحنات بضائعهم عَنْ طريقِ نقاط السيطرة بأوراقٍ مزورة، ومِنْ دُونِ دفع الالتزامات المالية الخاصة بالتعريفةِ الجمركَية بسبِ القصور فِي تنفيذِ القوانين الرقابية أو اللجوء إلى عملياتِ التهريب المنظم عبر منافذ غير خاضعة لرقابةِ السلطات الحكومية بقصدِ تمرير بضائعهم وتأمين فروقات مالية. إذ لا يخامرنا شك فِي أنَّ السوقَ المحليّ تخيم عليه حالياً جملة مشكلاتٍ مؤثرة، فِي المقدمةِ منها تنامي الفعاليات الخاصة بتداولِ الكثير مِنْ المنتجاتِ الغذائية التالفة أو منتهية الصلاحية بأنواعِها الصلبة أو السائلة نتيجة رداءة صنعها أو انتهاء صلاحيتها.
فِي أمَانِ الله.
|