ذكريات ومذكرات |
تقع العين أحيانا على مواضيع ( يكتبها كتابها ) ويسردون فيها ( حكايات ) ، و( قصصا ) ، و ( مواقف ) عادية جدا حصلت لهم في مسيرة حياتهم ، وربما حصل التباس لدى البعض من هؤلاء ، فتصورها بتلك الأهمية التي تستحق النشر ، أو كأن ( الأخر ) يقبل عليها بشوق ليستفيد منها كدرس من دروس الحياة ، أو ربما عدها هذا البعض من المذكرات ، وما هي من هذا النوع من الكتابات ، بقدر ما هي ذكريات ( ذاتية ) متفرقة تذكرها ( الراوي ) عن حوادث متباعدة ، أو عن ( أحداث روتينية ) يمكن أن تحصل مع أي إنسان يشاركه في مفردات من حياته ، إذا كان ضمن منطقته ، أومحيطه الاجتماعي ، أو في مجاله الوظيفي ، والعملي ، وتمر دون أن يتوقف أمامها أحد.. وفي هذه الحالة يضيع الهدف من الكتابة ، وتختلط المسميات .. وقبل أن يسرد ( الراوي ) ذكرياته يفترض أن يسأل نفسه .. ما هي الفائدة التي يكسبها المتلقي من سرد تلك الاحداث التي حصلت ( في زمانها ) ، لكي يستدعيها من ذاكرته البعيدة او القريبة ويعرضها عليه الأن ..؟.. وما هو أثرها ، أوتأثيرها بعد نشرها على من يقرأها ..؟.. وهل هي من ( التجارب المهمة ) الفريدة لتأخذ حيزا من المطبوع ، وبعدها يقرر ما يكتب لكي يضمن القراءة والفائدة … والمفيد هو الكثير بالتاكيد مما ينشر. أما المذكرات فهي أحداث مترابطة ومتسلسلة في حياة ( راويها ) تدعمها ذاكرة قوية ، وموثقة بكتب ، أوحوادث ، أو صور ، وشخوص ، وأماكن ، وهي وإن تعد تجارب خاصة لارتباطها بشخصية الكاتب ، لكنها عامة في مدلولانها ، وأهميتها في الوقت نفسه ، ويمكن الاستفادة منها في الاعتبار بها ، سواء في محاكاتها أو تجنبها ، أو في الاتعاظ منها ، ومنها من اصبحت من ( الحكم ) التي يتداولها الناس ، وتنتقل من جيل الى أخر دون ان ينال منها الزمن . وهناك من المذكرات ما تعد شهادة على عصرها ، أو الحقبة التي حصلت فيها ، ونظم الحكم والشخوص التي تتصدر السلطة في انجازاتها ، أو سلبياتها ، والتداخلات والمعارك السياسية ، والحراك الفكري والثقافي والاجتماعي الذي حصل في البلاد وشخوصه.. ولكن بشرط ان تكتب بحيادية ، وتسرد ، كما هي دون موالاة لهذا ، أومعاداة لذاك .. ويرد في ذهن من يتناول هذا الموضوع الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل على سبيل المثال لا الحصرعندما وثق حوادث واحداثا تاريخية كثيرة – شارك فيها ، او كان شاهدا عليها ، في الكثير من كتبه وكتاباته – في عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، ومدة من حكم السادات والاحداث المحلية والعربية والعالمية التي كان شاهدا على بعض تفاصيلها ، والحروب العربية مع ( اسرائيل ) ، ولقاءاته بشخصيات عربية وعالمية كبيرة من اصحاب القرار والتأثير ، كان على تواصل معها في حينها .. وكذلك كتب ومذكرات كثيرة تناولت أحداثا سياسية وثقافية وفكرية واجتماعىة كثيرة في العراق عبر مراحله المختلفة شكلت مصادر مهمة للباحثين والمهتمين بدراسة وكتابة تاريخ العراق .. وهكذا بالنسبة الى الكتابات الاخرى التي تتناول تاريح الدول والمحطات المهمة فيها .. ولذلك تعد هذه الكتابات وثيقة مهمة لا يمكن الاستغناء عنها في البحوث والدراسات ، ومن الضروري الرجوع اليها عندما يتصدى الباحث للكتابة عن تلك المراحل من التاريخ .. أما الذكريات فهي استذكار أحداث مرت بالانسان في يومه قد تكون مهمة او غير مهمة ، فيدونها او يخزنها في الذاكرة فتكون عرضة للنسيان ، او السرد بدون ترتيب زمني او موضـــوعي ، وهي تشــــكل في لحظة ما ( وقت الكتابة ) مشاعر الفرد واحاسيسه تجاه ما مر به انذاك ، ولا تدخل في باب المذكرات بل هي مشاعر كتبها عما شاهد من مواقف وأحداث مرت امامه ، وقد لا تبقى هذه المشاعر نفسها فيما بعد ثابتة كما هي في زمانها ، فقد تتغير ، اذا ما طرأ عليها ما يغيرها ، أو يصححها من تطورات موضوعية لم تكن واضحة في زمن كتابتها او لحظة خزنها في الذاكرة … فالانسان منذ طفولته والى أن يغادر الحياة مجموعة ذكريات ، وليس شرطا أن تكون مذكرات إن لم تكن بتلك الاهمية التاريخية ، وقد تصلح أن تكون من ضمن المذكرات أيضا وحسب طبيعة الحدث والمتحدث..ولذلك نجد هناك كتابات تجمع بين الذكريات والمذكرات .. أن المذكرات هي محطات مهمة في حياة الشخصيات العامة من كتاب وشعراء وسياسيين وعلماء ومثقفين تعد ملكا عاما للشعب والانسانية عموما ، لذلك يحرصون على كتابتها في حياتهم أو يستذكرها غيرهم ممن عاصرهم ، وكان على تواصل معهم لتكون تحت تصرف كل الاجيال في الانسانية وليس أوطانهم فقط .. تلك الأسطر مجرد ملاحظة … قد يجانبها الصواب أو تكون في الصميم … وفي الحالتين هي انطباعات تتحمل هذا وذاك . { { { { كلام مفيد : من الحكم الجميلة المستقاة من التجارب ..( لا تتألم إذا أنكر أحدهم فضلك عليه ، فأضواء الشوارع تنسى في النهار …). |