غسل الصحون

 

عندما اردت البدء بكتابة هذا الموضوع خطرت ببالي مباشرة مقولة الماغوط (كل طبخة سياسية في المنطقة امريكا تعدها وروسيا توقد تحتها واوربا تبردها واسرائيل تأكلها العرب يغسلون الصحون) وقد انطبقت هذه المقولة حقا في الوقت الحالي فامـــريكا قررت تحجيم أيران وتقليل حضورها في المشهد السياسي والسعودية لهثت لتقدم الولاء المطلق مع ابداء جُل الرغبة بتنفيذ ما يطلب منها ودفع الاتاوة الجديدة المفروضة عليها وتنظيف المنطقة من الوجود الايراني او على الاقل التقليل منه وتهميشه .

 في مقالة سابقة كتبت “بحسب رؤيتي القاصرة” عن المشهد السياسي أن السعودية لن تتأثر بفوز ترامب بل سيكون لها دور في ترتيب خارطة الشرق الاوسط (وهو مايجري الان) دور سينيطه بها الامريكان وقد يتجاوز دفع المال او التدخل السياسي ويتعدى ليكون دوراً عسكرياً (هذا الامر يعيد للأذهان مقترحاً تدوول في الشارع العراقي بعد عام 2005 بتدخل قوات عربية اسلامية في مناطق النزاع الشيعي السني, وقد استعيض عن تلك القوات بعد فترة بقوات كردية) صحيح ان السعودية الان متورطة في اليمن لكن قد تضطر الى التدخل في دول اخرى بحسب المشهد وتطوراته ورغبة ماما امريكا .

ال سعود يعرفون من أين تؤكل الكتف وان الصقر لا يشوى , ولذلك ذهبوا الى من يستطيع  شي الأسد الايراني وحرقه ونثر رماده او تقطيع اذرعه ذهبوا مسرعين الى ترامب مقدمين فروض الطاعة شاكـــــين له هول ماعانوه من ايران وأتباعها في المنطقة في فترة بوش واوباما والادارة الامريكية بحسب سياستها الجديدة لم تكذب خبراً فأبلغوهم بأن الأمن مقابل المال . وضع ايران اليوم يشبه وضع صدام قبل الاطاحة به حيث تصور انه آوى الى ركن شديد , فتبين له بأنه ركن هاوِ منخور ألا وهو روسيا والصين , صحيح ان روسيا يلتسين وبوتن عام 2003 يختلفون عن روسيا بوتن اليوم والصين غير الصين وامريكا نفسها تغيرت لكن العنجهية الفارسية لم تتغير وهذه سنة الله في ان يمدهم في طغيانهم يعمهون ويضرب بضهم ببعض . العقلية الايرانية حققت انتصارات دبلوماسية وسياسية مهمة بل وحتى عسكرية واصبحت ايران تسيطر على منطقة الشرق الاوسط “المنطقة الاكثر اهمية” لكنها دخلت في نفق سبقها اليه صدام برغم انها راوغت وحاولت كثيراً ان لاتنجر لمواجهة مع امريكا بل وحاولت كثيراً استرضائها وخطب ودها “العداء مع امريكا لايعدو عن كونه ذر الرماد في العيون” لكن فترة المناورات السياسية نوعا ما قد انتهت وبدأت مرحلة الحسم لملف أيران “الا أذا قدمت أيران للكثير من التنازلات وهذا امر مستبعد” وما زيارة العبادي لامريكا الا لغرض اعطائه السيناريو الخاص بدوره في المسرحية القادمة (باي باي ايران) ولذا ستقوم ايران بتحريك اذرعها الاخطبوطية في العراق لأفشال خطة امريكا كما فعلت ايران في عديد المرات السابقة لكن هذة المرة ستواجه صعوبة فـروسيا ستدير ظهرها لهم والصين لن تخسر السوق الامريكية لاجل عيون ايران وكل حلفائها سيتركونها اما الاعداء فحدث ولاحرج فمن جهة تركيا المتحفزة ومن جهة السعودية المتحمسة وامريكا المتربصة ولا نغفل تنامي الوعي في الشارع العراقي بشقيه الشيعي والسني ورفضه للدور الايراني الذي تعدى محيطه وهناك ايضاً جهات غفل عنها الكثيرون مثل باكستان وافغانستان والداخل الأيراني غير المستقر اصلاً بسبب مشاكل البلوش والاحواز ومجاهدي خلق ورفض الشعب لسياسات الملالي والمحافظين مع تنامي لدور الاصلاحيين  وتكفي شرارة صغيرة تحرك بعض هذة المشاكل لجعل ساسة ايران يتلفتون حول انفسهم .  بل حتى ربيبهم بروتس العراقي سيتنكر لأيران ويطعنها في الظهر ويترك ولاية الفقية وسيتنصل عن تبعية الخامنئي اذا حمى الوطيس. امريكا تسعى لحسم النفوذ الايراني في الشرق عن طريق اغلاق بوابة العراق وايران تريد كسر هذة البوابة حتى لايحجب عنها الهواء والماء وسنرى ايران على حقيقتها في تلك المواجهة وستتضح قوتها ولكن لهفي على العــــراق الذي اخشى ان يكون ارض مواجهة لتصفية النزاعات والحسابات ونسأل الله ان لا يتضرر ولا يمس بسوء ولا يحيق المكر السيء الا بأهــــــــــله ويمكرون ويمكــر الله والله خير الماكرين .