هل عاد الدب الروسي؟

بعد سقوط جدار برلين و ما تلاهُ من احداث متلاحقة لا تُصدق انهار قطب من اقطاب السياسة الدولية، انهار عمود من اعمدة السياسة الدولية و عنصر فاعل في ادارتها، انهار الاتحاد السوفييتي الذي كان يمثل سندا للشعوب المغلوب على امرها، الشعوب المتطلعة الى الحرية و السلام انهارت القوة التي وقفت مع مصر و فيتنام و الصين و كوبا و يوغسلافيا و بولندا و مع الدول العربية المناوئة (لامريكا) و (اسرائيل) فأنفردت امريكا بقيادة العالم سائرة به نحو الجحيم. لم يسقط الاتحاد السوفييتي و يتشتت و تنهار اعمدته الجبارة بل انهارت الدول التي كانت تدور في فلكه و هذا ما خططت له الامبريالية العالمية و من يساندها. حينها اصبح العالم لقمة سائغة بيد القطب الامريكي و حتى الدول العربية التي كانت تستند على الاتحاد السوفييتي تهاوت كبيوت العنكبوت. و اُثيرت خلافات اخرى لتشتيت ما بقي من الاتحاد السوفييتي لكن الرجال الروس انبروا لهذه المهمة الجبارة و هي انقاذ روسيا و اعادتها الى السياسة الدولية بعد ان فقد الروس حلفائهم واحدا تلو الاخر و بسرعة متتالية.
و طغت على السطح قضية سوريا و كادت سوريا ان تسقط كما سقطت ليبيا و غيرها من الدول العربية لتأخذ امريكا كامل راحتها بالاعلان الصريح وو الواضح عن نيتها بتقسيم العالم العربي و الاسلامي و السير في رحاب الفوضى الخلاقة التي لا تستطيع امريكا العيش بدونها و بمباركة من يُسمى بالقادة (العرب) الذين نصبتهم امريكا بمباركة الدمى الامريكية التي ستسقط كأحجار الشطرنج متى ما شاء اللاعب الامريكي اسقاطها او ازاحتها.
انتبه القادة الروس لما يجري حولهم فحتى روسيا مهددة بالزوال و أن نفوذهم سينهار، حينها نهض الدب الروسي، و ما اسقاط الصواريخ الامريكيةة المُنطلقة من قاعدة امريكية في اسبانيا باتجاه سوريا الا بداية الحرب الامريكية ضد سوريا او قل الحرب العالمية الثالثة التي خطط لها هنري كسنجر و تلامذته حيث لم يعلن احد شيئا عن الصواريخ المنطلقة و التي تم اسقاطها في البحر الابيض المتوسط بل ان روسيا صرحت بانها علمت بانطلاقها فمن الذي اسقطها؟!! بل لم تنبس (امريكا) و (اسرائيل) ببنت شفة عن هذا الموضوع!
و يصف هنري كيسنجر الوضع الحالي قائلا (ان ما يجري حاليا هو تمهيد للحرب العالمية الثالثة التي سيكون طرفاها روسيا و الصين من جهةة الشرق و الولايات المتحدة و حلفاؤها من جهة الغرب) و يقول (ان مراكز القوى في الولايات المتحدة قد خططت لاحتلال سبع دول في الشرق الاوسط بهدف الاستفادة من ثرواتها الطبيعية و ان الفيالق العسكرية الامريكية حققت هذه الاهداف تقريبا و ربما هي الان في طريقها نحو ما تبقى من الاهداف المؤجلة) (ان السيطرة على الموارد النفطية هو الوجه الاخر للسيطرة على الدول اما السيطرة على المواد الغذائية فهو الوجه الاخر للسيطرة على الشعوب و اذلالها).
فليرقص عشاق الديمقراطية الامريكية المزيفة و ليهزوا على (روك اند رول) كيسنجر و بوش و مخططي السياسة الامريكية الخبيثة.
نعم ان المصالح تحكم و تُسير العلاقات الدولية فالنفط و الغاز في السواحل اللبنانية و السورية و اليونانية يمثل ثروة العالم الجديدة و القاعدةة الروسية امام الشواطئ السورية هي ما بقي لروسيا فعلى روسيا القبض بايدي حديدية على مصالحها المتبادلة مع دول العالم.
لم اقف يوما الى جانب رئيس دولة او قائد لدولة لان المصالح تتغير في لحظات بالنسبة لهم. اما نحن الباحثون عن القيم و المبادئ و الحرية وو السلام فلا نود الاشتراك في السياسة لانها في العصر الحالي اصبحت لعبة مَن لا مبادئ له فالسياسة و المبادئ عالمان متناقضان تفصلهما فوهة بركان فلا يلتقيان. لكن الجميع يتساءل هل عادت السياسة الروسية الى عالم المبادئ و المثالية هل عادت مبادئ خروشوف الى روسيا و هل عاد حذاءه لضرب العقرب الامريكية و هل أن بوتن حفيد وفيٌ و بار للفلاح الروسي خروشوف الذي وقف بكل قوة مع شعوب العالم الثالث فاذا كان الامر كذلك فهاهي روسيا تنهض من جديد و ستكشف الايام هل ان الدب الروسي عائد للمصالح ام للمبادئ و الثوابت التي بُنيت عليها ثورة اكتوبر؟!!