فساد التعليم في العراق

في العقد الأخير من القرن العشرين وتحديدا بعد العام91ونتيجة ظروف الحرب والحصار واستمرارها وطول فترتها ولابتعاد العديد من الخبرات التدريسية وانشغالها في البحث عن الموارد الاعلى في المدارس الخاصة والتدريس الخصوصي (وتسهيل الحصول على الشهادة بعلاقات جانبية)وفسح المجال لتسرب العديد من النماذج التعليمية الى خارج البلد وخلت الساحة الى العديد من حملة الشهادات (المزورة) والذين بدأوا بانتهاز الفرص للأثراء على حساب الالتزام المهني والاخلاقي وبغض النظر عن العواقب والتي لن تهمهم باي حال من الاحوال ،كل ذلك تسبب بظهور نماذج من التدريسيين والمثقفين والانتهازيين كثمار لهذه الشجرة ولنأخذ مثال(دورتين او ثلاثة من خريجي كل الكليات).

    وما بعد عام 2003 يلاحظ المراقب نشوء حالات بدأت تظهر وبصورة جلية في قطاع التعليم وبكل مراحله فقد بدأ كل شيء يقاس (بالكليات والمدارس الاهلية والتدريس الخصوصي) وبمقدار الفائدة التي يحصل عليها المدرس من هذا الطالب او ذاك وبعد ان اصبح بعض الطلاب يتميزون عن اقرانهم بدرجات الهبات التي تمنح لهم او لآبائهم والتي تميز البعض منهم من المستويات المتوسطة عن العديد من المجتهدين من الطلاب وخصوصا في مراحل القبول وقد كان من جملة الاسباب ايضا ان العديد من الاغنياء الذين ظهروا بعد هذه المرحلة والذي جعل من بعض الطلاب يأتي الى المدرسة بسيارة خاصة وهو ما يسبب الاحساس بالتدمير الذاتي والنفسي للأستاذ والذي لا يملك او قد لا يتمكن من امتلاك مثل هذه الوسيلة الترفيهية ولكون رواتبهم لا تتجاوز وفي احسن الاحوال الى(200-400)دولار بل وان بعض الطلاب والذي يحمل مصروفا ويدخن سكائر اعلى بأضعافمن راتب الاستاذ ويندفع في الإغداق على الاستاذ بالسكائر ودعوات التوصيل بالسيارة والطعام في المنتديات والمطاعم وغيرها ويقدم الهبات هنا وهناك ولان الجيل الذين اشرنا اليه هم من بعض نماذج الاساتذة والتدريسيين الذين اعتادوا مثل هذه الحالات اثناء سنين دراستهم فانهم اصبحوا المروجين والداعين لتمرير مثل هذه الحالات ساعدهم في ذلك اعتلاء الطلبة الى مصاف الطبقات الارستقراطية امام التدريسيين وضاع مع نمو هذه الحالات الطالب المجتهد والمجد والذي دفع بالعديد من المتمكنين منهم للانتقال لإكمال دراسته في دول اخرى والتي استغلت البعض منها مثل هذه الظروف وقدمت لهم التسهيلات لاحتضانهم وضمان بقائهم في تلك الدول وضاع معها النموذج العلمي الجيد والمتقدم بل والنزيه ايضا وهكذا انتقل بعض التدريسيين للاعتماد على التدريس الخصوصي والذي راح يتفاقم بسرعة امام الحاجات الانسانية الملحة للأستاذ وعائلته والتي راحت تتصاعد يوما بعد يوم ووصل الحد الى بيع اسئلة الامتحان بل والتفاوض على (حالات الغش) اثناء اداء الامتحانات بلوفي المراحل الغير منتهية وصل الحد الى شراء الشهادة والطالب في بيته وبدون دوام او امتحان وبرغم كل حالات التشديد والمراقبة والمحاسبة الا ان تطوير الوسائل كان يتم بنفس سرعة المكافحة كل تلك الحالات ادت الى نشوء
جيل من حملة الشهادات ومن المتعاملين بهذه الطريقة ومن الذين يعتمدون على الوظيفة في تحقيق اعلى المكاسب الى اعلى حد وهكذا ضاع المستوى العالي للتعليم في العراق وانتشرت المدارس الاهلية بكل مستوياتها وكذلك الكليات الاهلية بعد احتلال العراق وبعد ان اصبحت الارضية جاهزة لانتشار مثل هذه الحالات وبرغم كل المساعي للنماذج الشريفة والتي تعمل بجد لاستئصال هذه النماذج والاورام الا انهم سيكونون بحاجة الى اعوام واعوام والكثير الكثير من اللجان والنماذج الشريفة والعصامية والمئات من القوانين والعقوبات ولن تحلها ابدا لجان النزاهة ومؤسسات العقوبات الادارية وربما بعد عشرون عاما وبالاعتماد على التدريسيين الشرفاء لخلق اجيال من النماذج الجيدة والنزيهة مع العمل بنفس الوقت عل استئصال النماذج المريضة وتستمر عمليات التطعيم حتى ينظف هيكل التدريس العراقي ويعود الى سابق عهده وسمعته الناصعة البياض والنزيهة والكريمة إنشاء الله