جمرة المصلحة العامة لا تحرق قلوب الطيبين

 

 

قبل ايام تعرضت لتجربة طريفة جدا لم اكن اتوقع انها ستنتهي بدرس اخلاقي مفيد لي على الاقل.فقد طلبت اعفائي من شعبة اعلام الشركة العامة للتجهيزات الزراعية وهو العمل الذي اقوم به منذ عام.ومنذ اللحظة الاولى كنت اضع في عقلي قاعدة اخلاقية واحدة هي:ارضاء الناس غاية لا تدرك.

 

  عام كامل وانا احاول ان اغير من روتين الاعلام الحكومي.فبدأت بالاهتمام باخبار الشركة،وكتابة التحقيقات،والتعليقات البسيطة ذات الحس الانساني،اضافة الى الحوارات والاضاءات الاعلامية للمعارض او لنشاط الشركة.كنت في الواقع اريد ان اغير من ركود عمل الشعبة.ثم دقت ساعة العمل حين تم فتح قناة يوتيوب باسم الشركة.وهنا فكرت باعداد تقارير تلفزيونية عن نشاط الشركة الزراعي،وما تقوم بع على ارض من تسهيلات للفلاحين والمزارعين.  في جو كهذا وجدت نفسي اقدم ورقة اعفائي من عملي،وطلبت عودتي الى موقع مخازن الشعب وكري القديم.وعلى اجنحة رشيقة وصل طلب الاعفاء الى السيد المدير العام.بعض زملائي انزعج من تسرعي لان المشكلة التي حصلت تدعوني للتريث وعدم ترك الشعبة في مثل هذا الوقت.لكني صممت،وقدمت الطلب.

 

  في اليوم التالي بدأت دوامي كالمعتاد لكن في الساعة التاسعة والنصف ابلغنا مكتب المدير العام بان هناك اجتماعا يراسه السيد المدير العام مع القسم فعلى جميع الموظفين الحضور.ذهبنا وكنت اعرف ان المشكلة وطلب الاعفاء هما سبب هذا الاجتماع.لكن ما لم اكن اتوقعه ان يكون الحديث بكامله عن نشاط الشركة،وما على الموظفين عمله كي تواصل الشركة دورها وكلام اخر عن تقديم اكثر ما يجب للحفاظ على روح العطاء كما هي.والعمل كفريق متفاهم.

 

وان تكون خدمة الشركة اهم الاهداف التي نسعى اليها.وبعد ان انهى كلامه سال اذا كانت هناك مداخلات فقررت ان اتكلم.لكن عن اي شيء اتكلم.عن المشكلة ام عن العمل بروح التعاون.وهنا فضلت ان اتحدث عن دور الاعلام وكيف كان وما قمت به في ضوء امكانيات الشعبة.وكان السيد المدير يقاطعني،وحين اردت التطرق الى المشكلة وجدت ان رغبة روح العمل الجماعي تغلبت على صوتي الذاتي.وفي نهاية الاجتماع الذي كان كله عن مقترحات وافكار تخص الفلاحين والمزارعين ويمكن حلها عن طريق وزارة الزراعة نطق السيد المدير العام جملة “صافية لبن”،فقررت ان اسحب ورقة الاعفاء وكأنها لم تقدم.

 

    في الواقع انساني الحديث عن المصلحة العامة والشركة انزعاجي من مشكلة تقع في دوائر الحكومة.لكني فكرت في كلمة قالها احد علماء الرياضيات ان هناك اكثر من حل لمشكلة ما.وربما يجوز القول ان هناك اكثر من طرح لاية مشكلة نصادفها.كان بامكان المدير العام ان يدخل في الموضوع مباشرة ويتحول الاجتماع الى جدل عن اي الطرفين كان المخطى.لكن هناك طرح افضل وهو اشعار الجميع بان المصلحة العامة لا بد ان تقدم على المصلحة الشخصية.وانا الذي ذهبت من اجل المصلحة الشخصية جرفتني المصلحة العامة في تيارها القوي.