من يقف وراء تجويع الشعب العراقي

 

منذ سنوات وتحديدا بالضبط، بعد الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003، كنت مولعاً بنشر الافكار والخواطر العقلانية ورصد المشهد السياسي وانعكاساته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية والصحية على الحياة والمجتمع، وكنت اكتبها على شكل مقالات نشرت في الصحف والمجلات، وقد فكرت هذه المرة ان اكتب عن الابعاد للعديد من الاجراءات والقرارات الحكومية في ظل الاحتلال واثاره السلبية على المجتمع والمواطن. فالمواطن في العراق كان يتطلع الى حياة جديدة وعد بها من قبل المحتل واعوانه والحكومات التي شكلها.. وابتداء كان يقال لغزو العراق هو تحرير بالرغم من اعتراف الامريكان بأنه احتلال، وقد حلت الدولة العراقية، وحل الجيش العراقي باعتباره (جيش صدام) كما ادعى السياسيون وانه حارب الجارة ايران.. وقد اعترف المحتل بأن حل الجيش العراقي والدولة العراقية وتطبيق قانون الاجتثاث من قبل السياسيين كان خطأ كبيراً ادى الى ظهور الارهاب وفقدان الامن. وقد اصرت الحكومة في ظل الاحتلال على المضي بهذا المنهج، فالقائمون على التغيير لم يكتفوا بهذا القدر بل ان اجراءتهم امتدت الى العديد من المكاسب التي فيها مصالح المواطنين والتي جاءت بعد تضحيات كبيرة.. والتي منها تأميم النفط ووضع الثروة النفطية في خدمة الشعب، واليوم اصبح نفط العراق انتاجاً وتصديراً بيد الفاسدين وسراق المال العام من السياسيين والمحتل.

 

اما التعليم المجاني اصبحت نفقات التعليم على الدارسين وتتحمل العوائل الاعباء الكبيره في تعليم ابنائهم وتضاعفت اعداد الامية من المتسربين. الاقتصاد- مسار التغيير في هذا المجال يهدف الى الاقتصاد الحر، وقد ثبت فشل هذا التوجه وكان السبب في الحاق الضرر بفروع الاقتصاد الوطني الزراعة ، والصناعة والسياحة والخدمات التي سادت فيها ظواهر الفساد وسيطرة الاحزاب وتقاسمت منافعها واموالها وحسب نظام (المحاصصة) المعمول به سياسياً وسرح الاف من العاملين في هذه القطاعات وتضاعفت اعداد البطالة. اما القوانين فقد وضعت لصالح الطبقة السياسية واما المواطن اذا ما جاع او مرض فالى الجحيم. واستطيع ان اقول ان الخراب شمل مختلف ميادين الحياة، وثمة سؤال عن اسباب هذا الخراب وماجرى من عمليات نكوص واجهاض ممنهج لمكاسب المواطنين ومصالحهم المكتسبة؟

 

وهل المسؤول والحاكم ينفذ هذه الاعمال والاجراءات وفق اوامر تملأ عليه من اسياده ام هي من طبيعة ذاته (الفاقدة لكل القيم الوطنية والانسانية)؟ ام الاثنين معاً الا يخاف الله هؤلاء الساسة والحكام من الفاسدين والم يقرأ هذا الحاكم ورهط السياسيين (الذين ماتت ظمائرهم) قوانين حمورابي التي وجدت في عام 1700 قبل الميلاد (يعرف حمورابي بنفسه في مقدمة قانونه بأنه الامير الذي يخاف الله، وان السماء نادته من اجل الشعب ورضائه اقامة العدل في الارض ويقتلع جذور الشر حتى لايضطهد القوي الضعيف. وقد وضع حمورابي في قوانين وعقوبات لمن يخرق القانون الذي ركز على السرقة، واتلاف الممتلكات، وحقوق المرأة وحقوق الاطفال، وحقوق العبيد، وتضمن عقوبات لجريمة القتل والموت والاصابات ولاتقبل هذه القوانين الاعتذار.. وقد تمت الاشارة الى هذه التشريعات كأطول مثال لمفهوم قانوني يشير الى ان بعض القوانين ضرورية واساسية حتى تتخطى قدرة الملوك على تغييرها