كركوك مرة أخرى

 

كما قلت في مقال سابق إن محافظ كركوك الذي يسعى جاهدا لتخليص المحافظة من الظلم الذي يقع عليها لأنها تحت سلطة الحكومة الاتحادية على حد قوله لم يكتف بتوظيف كل امكانات الدولة العراقية فيها لتغيير ديموغرافيا السكان لصالح الكورد بحجة وبدونها، إنما أعلن كوردستانية كركوك وقام برفع علم الأقليم الى جانب العلم العراقي في الدوائر الرسمية للمحافظة مانحا نفسه صلاحية تنفيذ المادة 140من الدستور.

 

هذه الخطوة التي قرأها المراقبون بأنها محسوبة ومخطط لها قبل حسم معارك الموصل تهدف الى تعبيد الطريق لأنفصال الأقليم بعد ضم كركوك قسرا واعلان الدولة الكوردية في العراق ثم تمتد لاحقا الى سورية. وبصرف النظر عن ماخلفته من ردود فعل متباينة، تأييد مطلق من قبل النواب الكورد في مجلس النواب العراقي، ورفض رسمي وشعبي لها قد يقود الى ما لاتحمد عقباه لاسمح الله، أقول إن ردود الفعل لم ترتق الى مناقشة الأبعاد المترتبة على أقامة دولة كوردية شمال شرق الوطن العربي وما هو تأثيرها على مستقبل المنطقة؟.

 

في الآونة الأخيرة تداولت أجهزة الاعلام الغربية والأميركية كثيرا هذا الموضوع وكأن مشروع الدولة الكوردية أصبح أمرا مفروضا إن عاجلا أو آجلا، لكننا لم نقرأ في التقارير الاستخبارية والاعلامية شيئا عن سياسات (الدولة الكوردية) لو كتب لها أن تعلن وهل ستكون داعمة،مؤيدة ومساندة لجيرانها أم ستتحول الى قاعدة أميركية أسرائيلية قابلة للتمدد شمالا وشرقا ؟.

 

جريدة البرافدا الروسية نشرت تقريرا في الثلاثين من آذار الماضي وصفت قيام (دولة كوردية) في العراق وسورية بمثابة، اسرائيل في الشرق الاوسط، وكوسوفو في البلقان وإن هذه الدولة لن تكون حليفة للعرب إذ إنها ستكون حليفا لإسرائيل.

 

واذا طرحنا سؤالا من طراز، هل أميركا مع أم ضد قيام (دولة كوردية) نكتشف إن جميع التحليلات تشيرالى دعم الأدارة الأميركية لفكرة الدولة لكنها قد تختلف في التوقيت فوجود دولة (كوردية) في العراق وسورية يمنح أميركا مساحة أكبر في المنطقة ربما بالحصول على قواعد عسكرية ثابتة فيها وتطلق يدها في إدارة وأستخدام هذه القواعد.

 

الجريدة الروسية نبهت القيادة الروسية الى خطورة قيام مثل هذه الدولة وأكدت بناء على تحليل الخبراء السياسيين إن الوضع في الشرق الاوسط لن يساعد على إرساء دولة كوردية في المنطقة ولا في حل أي من الأزمات الحالية، بل سيسهم في تفاقمها وخلق مشاكل جديدة.

 

التجربة أثبتت إن الكورد في حد ذاتهم يمثلون مجتمعا غير متجانس وتشوبه الخلافات مما يحول دون توحدهم تحت أية (راية) فهم حاليا في أعلى مراحل الأنقسام والتشرذم وجلوسهم مؤخرا لأعلان الاتفاق على الأستفتاء لا يعني مطلقا إن الأحزاب الكوردية لن تخوض قتالا ضاريا فيما بينها مستقبلا لتقاسم النفوذ والموارد والمناصب.

 

فكيف ستنتهي الأزمة، بعناد كردي كما تعودنا، أم بالعودة الى الشرعية الدستورية وتنفيذ قرار مجلس النواب العراقي الذي يبطل قرار مجلس المحافظة، وهل ستنفذ الحكومة الإتحادية القرار كونها مصدر السلطة التنفيذية إذا رفض محافظ كركوك تنفيذه؟.