هل نجحت قمة البحر الميت؟

هل كانت قمة البحر الميت العربية ناجحة؟وهل لبت مطالب الشعب العربي؟في البداية علينا أن نقول إن هذه القمة أبتعدت عن كلاسيكيات القمم العربية التي اعتاد العرب عليها لدرجة إن الامة العربية لم تعد تبالي بنتائجها وما يتمخض عنها من بيان ختامي متشابه في أغلب القمم لأسباب عديدة إن الجامعة العربية ظلت حبيسة أفكار الحكام العرب ولم تتمكن من أن تتحول إلى شيء أكبر من الجامعة السياسية ولم تشأ أن تأخذ دورها المطلوب في المراحل المهمة التي مر بها العرب في العقود الماضية وبالتالي فقدت القمم العربية بريقها وتلهف الشعوب لها لأنها لم تأت بجديد لهذا لم تكن هنالك متابعة شعبية كبيرة للقمم العربية خاصة في عصر الفضائيات التي منحت المواطن العربي حرية كبيرة في التنقل بين آلاف القنوات دون أن يكون مجبرا على سماع خطاب رئيسه أو ملكه أو أمير بلاده وهذه النقطة ذاتها تجعل من القمة العربية حدثا عابرا .

القضية الفلسطينية

 في قمة البحر الميت كانت هنالك روح جديدة نراها لأول مرة في القمم العربية فيها نوع من الواقعية خاصة ما يتعلق بالصراع العربي – الإسرائيلي إذ للمرة ألأولى نجد بيانا ختاميا يؤكد (الاستعداد لتطبيع تاريخي مع إسرائيل إذا هي انسحبت من الأراضي العربية التي تحتلها منذ 1967)وجاء في بيان الجامعة الذي قرأه الأمين العام،أن الدول العربية تدعم مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لإنهاء النزاع بينهما،إذا ضمن إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.وهذا يعني إن حل الدولتين مقبول فلسطينيا وعربيا مما يمنح المفاوضات بين فلسطين وإسرائيل دعما عربيا وفق هذا البيان إلا إن هذا الإعلان العربي يبدو متأخرا بعض الشيء لأنه جاء في عهد حكم الجمهوريين للبيت ألأبيض وهؤلاء لا يشكل الصراع العربي – الإسرائيلي أولوية في ملفاتهم بعكس الديمقراطيين الذين طالما سعوا لإيجاد حل يرضي جميع الأطراف ولكن هذا الإعلان العربي ذاته يفتح المجال أمام إيجاد حلول واقعية لقضية كبيرة جدا في توقيت كهذا، وأيضا يمنح السلطة الفلسطينية مرونة أكثر في مفاوضاتهم المباشرة مع الإسرائيليين بعيدا عن(الوصايا العربية)التي على ما يبدو إنها زالت عنهم واقعيا لأن أغلب الدول العربية منشغلة منذ سنوات بقضاياها الداخلية من جهة ودعم الصراعات في الدول المجاورة من جهة أخرى،ومن جهة ثالثة بروز دول عربية ديمقراطية حكوماتها انتخبنها  شعوبها تنأى بنفسها عن التحكم بقرارات السلطة الفلسطينية ولهذا وجدنا تضمين البيان الختامي لقمة البحر الميت رغبة العرب بحل للقضية الفلسطينية وفق الصيغة المعلنة والتي فيها واقعية كبيرة .

العراق

 لم يغب العراق عن خطابات الزعماء العرب وحضر بقوة في البيان الختامي من خلال الدعم العربي الكامل للعراق في حربه ضد الإرهاب ،وأيضا من خلال اللقاء الذي جمع العاهل السعودي برئيس الوزراء العراقي ،هذا اللقاء المتوقع بحكم متغيرات العلاقات العراقية – السعودية والتي شهدت في الاشهر الأخيرة حالات إيجابية عديدة من شأنها أن تذيب ذلك البرود الذي طغى على هذه العلاقات منذ 2003 وحتى بداية عام 2017 الذي شهد أول زيارة لوزير خارجية سعودي للعراق منذ سنوات طويلة ، هذه الزيارة التي حركت الكثير من جبال الثلج بين الرياض وبغداد وفتحت آفاقا جديدة في بناء علاقات بينهما، والجانب الثاني إن العرب بصورة عامة استعادوا العراق عبر هذه القمة،العراق الذي لم يخرج عن الإطار العربي بل حاول البعض إخراجه في السنوات الماضية بذرائع شتى وجعلوا منه ساحة كبيرة للصراع بين دول المنطقة واليوم نجد قمة البحر الميت تركز على العراق وتدعمه في حربه ضد داعش ومستعدة لإعمار المدن المحررة وهي بالتأكيد مستعدة لمرحلة جديدة في تعاملها مع العراق التي ظلت الدول العربية بعيدة عنه والبعض منها تدخل بشكل سلبي في شؤونه الداخلية لأسباب يعرفها الجميع. وفي جانب آخر كان هنالك تضامن عربي كامل مع سيادة العراق ووحدته رافضين التدخل التركي في العراق وهو البيان الثاني الذي تتباه الجامعة العربية في دعمها العراق ضد انتشار القوات التركية داخل الأراضي العراقية.

 لهذا يمكننا القول إن العراق نجح في كسب العرب وإرسال رسائل اطمئنان على إن العراق عربي ولا يمكن أن يكون غير ذلك من جهة،ومن جهة ثانية إن علاقات العراق مع دول الجوار خاصة تركيا وإيران علاقات لا يمكن أن تشكل خطرا على علاقاته مع الدول العربية خاصة في ظل(الحساسية)التي تنتاب علاقات بعض الدول العربية بإيران خاصة العربية السعودية التي تمكنت من درج بند يدين الاعتداء الإيراني على سفارتها في طهران كما حصل في القمة الماضية التي تضمنت ذات الإدانة والعراق كان مع الإجماع العربي في هذا الشأن . وبالتالي وجدنا إن قمة عمان الأخيرة صنعت حدثا جديدا في المنطقة على الأقل في قضيتين مهمتين الأولى القضية الفلسطينية والثانية الصراع ضد تنظيم داعش في العراق ودعمها الكامل لبغداد ، هذا الدعم الذي يجب أن يتحول من القول إلى الفعل من أجل التسريع بإنهاء الإرهاب في العراق وسوريا وليبيا وبقية المناطق التي شهدت حوادث إرهابية كثيرة.