قراءة في الخطأ والخطيئة

لا تخلو حياة الانسان أينما يكون من أخطاء ، والبعض منا يتجاوزها ليعيد حساباته ، أما البعض الآخر فيمسك بها ولا يتجاوزها رغم أن الاعتراف بالخطأ فضيلة كما قيل .

 وقد تكون بعض الأخطاء صغيرة الا أنها اذا كبرت دون التوقف عند حدودها تحولت الى خطايا ، وهي بذلك تكون علة تنخر البدن والروح معا ثم لتمتد مسافاتها الى مفاصل المجتمع جميعا لتقوضه .

 لا ريب أن الخطأ في العمل قد يقودنا بعدها الى النجاح ، اذ العاقل منا يستمد من فشله أحيانا دافعا للتحدي والاصرار على تجاوز الصعوبات ، قد تكون مهمة شاقة غير أن الارادة لها نتائج حاسمة.

الا أن الخطيئة في كل أحوالها وأشكالها تدفع الى التردي والى الهاوية .

ان الأخطاء اذا تراكمت تحولت الى خطايا لتقتل في النفس كرامتها وعفتها ثم لتترك جروحا لا تندمل .

 ففي نطاق الأسرة مثلا يرتكب الرجل أحيانا أخطاء قاتلة بحق زوجته وأبنائه معا ، فهو اذا أهمل رعايتهم والعطف عليهم وبخل بما عليه من نفقة قاد الأسرة الى الضياع والتمزق وهدر فيها كل مقوماتها من حب وألفة ومودة لتنقلب هذه الأخطاء الى خطيئة .

 والزوجة التي تشق عصا الطاعة على زوجها وتسرف في نفقاتها وتهمل تربية أبنائها تحولت الى امرأة عابثة ركبتها الخطيئة بكل أطرافها .

 أما على نطاق المجتمع فتكثر الأمثلة وتتعدد ، فالغني الذي يسرق بشكل أو بآخر سواء بالرشوة أو الابتزاز فانه قد ارتكب خطيئة لا يمكن السكوت عنها . والحاكم الذي يستنزف طاقات الرعية ويمارس معهم الظلم والبغي والعدوان يكون قد سار في طريق الخطيئة لتتحول الى جريمة بشعة تترك آثارها في النفوس لمدى غير قصير.

 وكل منا اذا قادته خطواته الى طريق محفوف بالشهوات والرغبات الذاتية فقد آذى المجتمع برمته , ذلك أن المجتمع كالبدن اذا أصاب عفوا منه تداعت بقية الأعضاء .

ليست الخطيئة الا اختراق للقيم والفضائل والمباديء تريد أن تلوثها ، وتجعل الأمر كله فعلا قبيحا يجرح المشاعر ويهز القلوب .

 لا يمكن للخطيئة أن تلعب لعبتها الا بفساد من داخل الذات والا بمتابعة الهوى ، أما اذا كانت الذات محصنة فهيهات أن يكون للخطيئة فعل مضاد. ان المرأة العابثة واللص المحترف والقاتل السفاح ومعهم الزناة والعصاة كلهم يرتكبون خطايا تدفع بالمجتمع الى السقوط ، أما الوقوف أمام المغريات بأنواعها فهو الملاذ الآمن الذي به وحده نسلك الطريق الواضح الذي لا لبس فيه وبه وحده تكون نهضة المجتمع لا غير .