إله داعش

تقول الدراسات الأنثربولوجية أن الإنسان يكيف صورة إلهه على شاكلته، ويمضي في تحوير تلك الصورة التي تند عن الوصف الى صورة قريبة من صورته الذاتية، يفعل ذلك بطريقة لا إرادية لردم الهوة بين الإله المطلق في وجوده وصفاته، وبين وجوده المحدود وطباعه المتناقضة، فبدون هذه العملية التي تقرب الإله الى عقول الجماعات البشرية البسيطة لا يمكن الوثوق لوعد الدخول الى الجنة، فليس من ضمانة أمام الناس وهم يقترفون الكثير من الصغائر والعدوانية الا بأنسنة صورة الإله ليصبح شبيهاً لهم يبرر لهم أفعالهم ويباركها، يمنحهم حميمية متخيلة تخصهم وحدهم دون سواهم من الخلق، وعادة ما يتولى هذه المهمة دعاة التطرف ممن وجدوا في الدين وسيلة لتحقيق السلطة لممارسة الكراهية والعنف ضد الآخرين تحت مظلة المقدس، يمكننا والحال هذه ـ ومن دون عناء تصور إله البغدادي وجماعته مثلاً ـ كيف يصرخ فيهم عابس الوجه يطلب المزيد من الجرائم عله يهدئ شيئاً من غضبه، هذا الإله الذي يشارك البغدادي غضبه المتفجر وتعطشه الى دماء أعدائه الكثر، لا يأمره وأتباعه بما فيه نفع للناس أو بالقليل من الرحمة لأنه ليس الإله الذي يعرفه الناس وتمثلوه عبر القرون من خلال الآيات والأحاديث وسيرة العلماء، إنه كائن آخر إنبعث في ظلمة العقول والشر الساكن في النفوس الكارهة لكل شيء في هذا العالم، فكل الناس خارج تنظيم داعش هم أعداؤه الذين يستحقون الذبح والتنكيل، لا فرق بين مسلم ومسيحي عربي أو كردي شيعي أو سني إيزيدي أو صابئي الجميع بلا إستثناء في حرب مع إله البغدادي الذي التقاه أثناء إقامته في سجن بوكا أو قبلها ـ لا يمكن الجزم حول هذه القضية أو متى وقعت ؟ ـ  
الا أن الأمر المؤكد أنه يحمل من الكراهية والغضب ما لا تشفيه كل دماء العالم، ولا يهدأ من الصراخ ليل نهار من أجل القتل والتخريب والاغتصاب والنهب الأمر الذي يجعل من التدين الداعشي ظاهرة فريدة تستحق النظر، فليس من المعقول أن يكون الإله على هذا القدر من الشر والتحامل على الخلق ، فلا يأمر هذه العصابة من الحمقى الخارجين عن القانون بغير إزهاق أرواح الناس تحت أية ذريعة كانت، ليصبح الكائن الذي علمه الله الأسماء كلها وأمر ملائكته بالسجود له ـ كما تقول كتب السماء ـ الى ضحية لا قيمة لها عند اله البغدادي والمتطرفين الذين يشاركونه دولته المزعومة ، فهل يعقل أن جماعة على هذا القدر من الجهل والشر الكامن في عقول أصحابها تجد من يصدق مزاعمها حول الدين والخلافة وكل الأكاذيب التي يرددونها في إعلامهم
 واحاديثهم ؟
لو أن مشروع البغدادي حمل إسماً آخر مثل : دولة القتل المجاني ، دولة الذبح والتخريب، دولة الجريمة المنظمة ، دولة تدمير العراق والشام .. لكان أدق في التعبير عما يفعله هذا التنظيم وجماعته من جرائم بحق الحياة والأبرياء !