السيد (ترامب) ، فهمنا الرسالة

نحن نشهد هيمنة الشر المطلق على العالم دون أقنعة ، والمناسبة هي الضربة الأمريكية على سوريا فجر هذا اليوم ، والعراق هو المتضرر الأول بعد سوريا من هذه الضربة ، أنها رسالة صهيونية – أمريكية مبطنة وموجعة جدا أفصح عنها القوّاد (ترامب) (Trump The Pimp) ، مفادها (أن داعش صناعتنا ، ونحن فقط من يقرر نهاية صلاحيته لا أنتم ولا جيشكم ولا حشدكم) ، فالضربة التي نالت من قاعدة (الشعيرات) الأستراتيجية شرق سوريا ، والتي حررها الجيش السوري مؤخرا من يد داعش ، والتي تشرف على حقول الغاز السورية وخط المواجهة الأساسي مع داعش والنُصرة ، والمفصل الحيوي الكامن بين جناحَي داعش عراقيا وسوريا ، والمبرر سخيف كلعب الأطفال البعيد عن العقلانية ، والتي لا تنطلي على السليم عقلا ، الضربة كانت تحت ذريعة الهجوم الكيمياوي في (خان شيخون) في إدلب ، ورغم تحفظي على النظام السوري ، إلا إنه ليس غبيا لهذه الدرجة ، خصوصا وأن عليه توظيف الأنفراج الدولي لصالحه ، وقد لاحظنا انتصارات الجيش السوري دون الحاجة إلى أسلحة كيمياوية ، أما كان الأسهل والأوفر مالا وأضعف الإيمان ، تشكيل لجنة للتحقيق بدلا من كيل عشرات الصواريخ بعدة ملايين الدولارات ؟ ، لتتعالى بعدها قهقهة الموت المنطلقة من الضباع آكلة الجيف تأييدا ، وإني لأعجب مِن مَن تسمي نفسها (المعارضة السورية) وهي تهلل لضرب بلدها ، والسعودية وتركيا ، وأوربا عامة وإسرائيل خصوصا ، ولم يتبقّ إلا إعلان مباركة داعش لهذه الضربة ، بإعتباره المستفيد الأول منها ، لأنها كانت متنفسا ومنقذا حقيقيا في الوقت المناسب ! .  

حقيقة أنا متشائم جدا لنتيجة الحرب على داعش في العراق ، فما دام خصمنا على هذا القدر من النذالة اللامحدودة والعهر والعربدة ، أخاف أن تذهب دماء شهدائنا سُدى ، فتقوية داعش في سوريا تعني بلا شك استقواءه في العراق ، مع الأبقاء على حبله السري سليما بين البلدين ، خصوصا وأن عمليات تحرير الموصل ، لا تخضع لقرار مستقل من الحكومة العراقية تحت يافطة (العمليات المشتركة) ، بل منقادة كليا لإرادات دولية لا أثق بها ، لقد سبقت تلك الحادثة العشرات من حوادث النيران الصديقة (!) ، والتي طالما أطاحت بتجمعات جيشنا وحشدنا ، ونفس الشي بالنسبة لسوريا كلما إقتربت من إصابة رأس الأفعى تحت مبرر (ضبابية الحرب) ! ، خصوصا وأن إستراتيجية التحرير غير واضحة المعالم إلى درجة العشوائية ، ودون حساب جدي لنتائج ما بعد التحرير ، وما حادثة إعتداء (تكريت) ، وإسقاط طائرة واستشهاد طيارَين بنيران معادية منذ أيام في الساحل الأيسر للموصل ، والمفترض إنه تحرر منذ مدة ليست بالقصيرة إلا دليل بسيط على هشاشة هذا التحرير ، حقيقة من العار والشنار على الحكومة العراقية التكتم على المسؤولين عن تسليم الموصل ، وكان عليها تسليمهم للعدالة حتى قبل الشروع بتحرير الموصل ليكونوا عبرة بسبب مسؤوليتهم عن انهار الدماء المراقة عند سقوط الموصل وعند تحريرها .

نشم رائحة الطائفية من هذه الحرب القذرة ، فمنذ أيام أعلن قائد عسكري أمريكي عن قلقه من تهميش (سنّة) العراق ، ونفس هذه القوات أبادت قبل هذا التصريح بأيام أكثر من 200 شهيد منهم في الموصل ، وكان بإمكان أمريكا حقا إخفاء مسؤوليتها عن هذه الجريمة ، لكنها أرادت المجاهرة بعهرها ورعونتها بإعلان مسؤوليتها عنه ! ، بكل ما به من معايير مزدوجة ، جريمة مرت إعلاميا مرور الكرام ، لكن حادث برلمان لندن الذي أودى بحياة من لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة ، أقام الدنيا ولم ويقعدها ، ونحن نسمع ونرى عبارات التضامن والزهور والمشاهد المؤثرة ، وحقيقة لا أجد متنفسا إلا رثاء الحال ، ونحن نسمع عواء تأييد أمريكا من المحسوبين على العرب ، فمنذ اربعين عاما قال (مظفر النواب) :

يا شرفاءً مهزومين ..
ويا حُكّاما مهزومين ..
ويا جمهورا مهزوما ...