الآثار الاقتصادية لاحتلال العراق في 9 نيسان عام 2003

كان لاحتلال تحالف الراغبين بقيادة الويلايات المتحدة للعراق الأثر المباشر في تغيير المعالم الاقتصادية لهذا البلد ، فبعد أن كان العراق بلدا شموليا يؤمن في ظل النظام السابق بالملكية العامة لوسائل الإنتاج ، والسيطرة الكاملة على الفعاليات الاقتصادية الرئيسية تحول بشكل مفاجئ إلى دولة تأخذ دون تمهيد بنظام السوق ، إلى نظام تريد منه الويلايات المتحدة أن تتحول فيه الفعاليات الإنتاجية من نظام اقتصاد الإنتاج الحكومي إلى اقتصاد فيه مطلق الحرية للعمل الفردي دون أن يتم تهيئة الإنسان العراقي للإقبال على ذلك برغبة أو استعداد نفسي وفكري بل وحتى الاستعداد الفني المطلوب ، وتم بموجب ذلك إهمال القطاع العام ، وتم رد أبوابه ، ليتحول بين ليلة وضحاها من قطاع منتج يسد نفقات عماله وموظفيه تحول إلى قطاع يستهلك الموازنة العامة ويعتمد عليها ، وقد انتقل منتسبوه بفعل البطالة الحقيقية إلى القطاع الأهلي الإنتاجي والتجاري لينافسوا العامل والموظف العاطل عن العمل ،بفعل توقف القطاع الخاص نتيجة للظروف الموضوعية المعروفة ، كما وان قرار بيع العملة الأجنبية بالمزاد العلني تحول بموجبه البلد من بلد منتج إلى بلد مستورد ، وفق سياسة السوق المفتوحة للسلع الجييدة والرديئة ، وبشكل ساعد على توقف المتبقي من المصانع والمزارع المنتجة ، مما نتج عنه الزيادة الواسعة والمفتوحة للبطالة والفقر ، هذا وقد كان لغياب القانون أو عدم الخشية منه أن توسع الفساد وزاد عدد المفسدين بمناسيب شملت كل قطاعات الدولة ودوائرها ، الأمر الذي أدى إلى فقدان مبلغ يزيد على 350 مليار دولار مقابل 6000 مشروع وهمي ، وقد توسع الفساد ليتحول بسبب توسع الرشوة إلى عامل تفتيت الدولة وأضعاف بنيتها السياسية والمادية الامر الذي سمح للإرهاب من الدخول بسهولة للبلد ، والعمل بدورة جديدة لضياع المال العام لمحاربة الإرهاب وسأل الدم الزكي على هذه الأرض الطيبة .
إن عملية ترك الضوابط والتعليمات المالية والإدارية ، وعدم الخوف وتفعيل القوانين ، ولجهالة المسؤولين في كافة الحكومات المتعاقبة ، أدى كل ذلك إلى هدر موازنات عامة  وقد كان لأسراف أولئك المسؤولين في الصرف غير المنضبط والتوسع في منح المخصصات ، والتوسع في التعيينات لأسباب حزبية دون التقييد بضوابط الملاك أو القيود المالية المعمول بها في الدول العصرية ، كل هذه إضافة إلى عوامل سياسية يراد بها جعل العراق سوق رائجة لمنتجات كافة الدول المجاورة والأجنبية الأخرى ،ويمكن إضافة عامل تعطيل الكهرباء وعدم التوسع بانتاجه ليكون بمثابة الكابح التلقائي لتوقف النمو الاقتصادي والبشري فيه ، ولما كان الاحتلال ومن جاء معه قد أضاع هوية العراق الاقتصادية ، فإنه لا زال يعمل على استمرار مشاكله كي يضييع ما تبقى من هويته السياسية .