التاسع من نيسان

 

 

في كل مسارات حركة التاريخ في العراق لم يكن التاسع من نيسان 20033 باليوم العادي،بل كان مفترق طرق بين مرحلة من الاستبداد المتواصل ومرحلة التطلع لعراق جديد يأخذ أبناؤه عملية البناء الصحيح لوطنهم بعيدا عن التفرد بالسلطة والولاء المطلق للقائد(الضرورة)،وبالتأكيد إن أحلام الكثير من العراقيين كانت تجنح صوب عالم جديد يكون العراق فيه مزدهرا معافى،ولم يكن هنالك أدنى شك إن هذا سيتحقق في وقت قياسي،لهذا شكل التاسع من نيسان يوما خالدا حتى وإن نظر البعض إليه على إنه يوم احتلال العراق،إلا إن ألأغلبية من الشعب العراقي لم ينظروا للأمر من هذه الزاوية بل من زاوية أخرى تتمثل بسقوط نظام قمعي دمر العراق حتى وإن كان هذا السقوط على يد قوة خارجية تمثلت بأمريكا التي تلقت دعما كبيرا من قبل(الأشقاء العرب)لإسقاط النظام والمفارقة الكبرى إن هؤلاء(الأشقاء)وقفوا فيما بعد بالضد من التحولات الديمقراطية وبناء حكومات منتخبة من الشعب العراقي وحاولوا فرض أجنداتهم على العراق وتحولت مواقفهم من المتحمسين لأسقاط نظام صدام إلى متباكين عليه وداعمين بشكل كبير موجات الغزو الإرهابي للعراق من كل الجهات مما شكل عبئاً كبيراً على الشعب العراقي خاصة وإن الإرهاب المدعوم من قبل هؤلاء عطل الكثير من خطط التنمية في العراق .

 

 وعلينا أن نقولها بصراحة إن نظام صدام الذي عزل نفسه عن الشعب وحاربه بقوته اليومي هو من أسس لبداية سقوطه الحقيقي في نيسان 2003 لأن سقوطه الرمزي كان قبل ذلك التأريخ بكثير عندما قمع الانتفاضة الشعبية الكبيرة عام 1991 في 14 محافظة عراقية راح ضحيتها أكثر من ربع مليون عراقي لا ذنب لهم سوى إنهم أعلنوا رفضهم لسلسلة حروب الطاغية التي تجاوزت حدود طاقة الشعب العراقي الذي تحول لوقود حروب النظام.

 

 إن نظام صدام أوصل العراقيين لنتيجة جعلتهم لا يبالون كيف سيسقط هذا النظام ومن يسقطه،المهم لدى الشعب أن يتخلص من زمرة كبيرة من المجرمين والقتلة الذين حولوا العراق لمقابر جماعية لمعارضيهم من أبناء الشعب بكل أطيافه ولا تخلو محافظة من العراق من مقبرة جماعية ومن كانت خالية نجد بقايا نظام صدام الذين انخرطوا في القاعدة ومن ثم “داعش”جعلوا منها مقابر جماعية وتشهد على ذلك مدن الموصل والأنبار وصلاح الدين التي شهدت عمليات إعدام جماعية من قبل تنظيم (داعش البعثي)لأبناء هذه المدن.

 

وبما إن التاسع من نيسان كان مفترقاً تأريخياً فإنه بالتأكيد شكل أيضا مفترق طرق بين فكرين،الأول لم يغادر ما قبل 99 نيسان 2003 ولا زال يعتاش على شعارات بالية أثبتت ألأيام زيفها،والثاني أنتقل من الفكر الشمولي القاتم إلى التعددية واحترام الرأي الآخر والقبول بما تفرزه صناديق الاقتراع من نتائج هي محصلة أصوات الشعب.