ملك المغرب يقضي إجازة بهافانا بعد قطيعة مع كاسترو منذ 37 عاماً.. كيف رد الكوبيون على زيارته؟

 

في أمريكا اللاتينية يحظى المغرب "بعدو كبير"، ألا وهو كوبا، ومع ذلك، اختار الملك محمد السادس أن يقضي عطلته منذ يوم الجمعة الماضي 7 أبريل/نيسان 2017 في هذا البلد "العدو".

كانت المغرب وكوبا في قطيعة دبلوماسية منذ 37 سنة جراء إعلان زعيم هافانا فيديل كاسترو دعمه للجزائر في حربها ضد المغرب، وفقاً لما ذكرت صحيفة Elconfidencial الإسبانية.

اختيار الملك للأرخبيل الكاريبي، كان قراراً مفاجئاً للعديد من متابعي السياسة المغربية؛ نظراً لأن العلاقات بين الرباط وهافانا سيئة للغاية وقد وصلت إلى درجة قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حسب صحيفة الكوندفينيشيال الإسبانية.

وباشر الملك رحلته يوم الجمعة الماضي في نحو الساعة الخامسة والنصف بعد الزوال، بعد الانتهاء من صلاة الجمعة.

وكان على متن طائرة البوينغ الملكية، التي أقلعت من الدار البيضاء في اتجاه كوبا، كل من الملك، البالغ من العمر 53 عاماً، وزوجته للا سلمى.

وقد رافقهما أيضاً ابنه، ولي العهد الأمير مولاي حسن، البالغ من العمر 14 سنة، وابنته، للا خديجة، البالغة من العمر 10 سنوات، وعدد من أفراد حاشيته. ومن المتوقع أن ينضم إلى هذه المجموعة، أفراد آخرين من العائلة الملكية.

كانت هافانا المحطة الأولى للزيارة الملكية، التي احتل خلالها الملك محمد السادس، والوفد المرافق له، كامل فندق ساراتوغا الفاخر، في البلدة القديمة.

ووفقاً للصحيفة السياحية، "كاريبين نيوز ديجيتال"، فستكون الوجهة التالية للملك وحاشيته، كايو سانتا ماريا؛ وهي جزيرة فردوسية تمتد على مساحة تقدر بحوالي 21 كيلومتراً مربعاً.

ومن المنتظر أن يؤدي الملك بعد ذلك زيارات عمل للعديد من المناطق في أميركا اللاتينية، من دون عائلته.

وبمجرد مغادرة طائرة البوينغ الملكية المجال الجوي المغربي، سارعت الصحيفة الرقمية الموالية للقصر الملكي، "لو 360"، لنشر جملة من الأخبار حول العطلة الملكية وقدمت مبررات لهذه الزيارة.

وأشارت الصحيفة في هذا الغرض إلى أن جدول أعمال سيد المغرب "كان مزدحما بالمهام"، في الفترة الأخيرة.

وتجدر الإشارة إلى أنه منذ الخريف الماضي، قام الملك محمد السادس بثلاثة جولات إفريقية طويلة، دامت آخر جولة 45 يوماً.

وبعد عودته في نهاية آذار/مارس 2017، اضطر الملك إلى الاهتمام بتشكيل الحكومة الجديدة، التي بقيت في حالة انتظار منذ أوائل تشرين الأول/أكتوبر 2016.

في المقابل، لا يخفى على أحد أنه خلال الزيارات الأفريقية، حظي الملك بفرصة التجول في البلدان التي زارها.

رحلة غير واضحة المعالم

وبينما تطرقت صحيفة "لو 360" والعديد من وسائل الإعلام المغربية إلى زيارة الملك إلى كوبا، فإنها حرصت أن تتجنب ذكر حقيقة أن "العلاقات الدبلوماسية بين كوبا والمغرب كانت مجمدة منذ 37 سنة".

وحتى بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين نسبياً، اتسمت العاقلات بين الجانبين في الغالب ببعض من العدائية.

ويكمن السبب وراء ذلك في الدعم السياسي والدبلوماسي الذي كان يقدمه الرئيس الكوبي الراحل، فيديل كاسترو، إلى الجزائر في حربها ضد المغرب في مطلع ستينات القرن الماضي.

كما لم تخفِ كوبا دعمها لمسلحي جبهة البوليساريو، منذ خروج إسبانيا من الصحراء الغربية عام 1975، كما ساندتهم في حرب العصابات التي شنوها ضد المغرب، حتى أن العديد من الصحراويين تلقوا تعليمهم في مدارس وجامعات كوبية في الوقت ذاته.

وعمد العديد من المدربين والعسكريين والأطباء الكوبيون إلى زيارة تندوف، جنوب غرب الجزائر، وتوفير تدريب للصحراويين حول سبل التعامل مع الأسلحة وطرق توفير الرعاية الصحية للاجئين.

والنتيجة، أن الدعم الكوبي طغى وتفوق على المساندة التي قدمتها بلدان أميركا اللاتينية الأخرى للبوليساريو.

ومن بين هذه البلدان المتعاطفة مع استقلال الصحراء الغربية، نذكر فينيزويلا، ونيكاراغوا، وبوليفيا، والأوروغواي.

وعلى ضوء هذه المعطيات، يمكن القول إن رحلة الملك محمد السادس غير واضحة ومبهمة المعاني.

وفي هذا الإطار، وصف دبلوماسي أوروبي، تحركات ملك المغرب الأخيرة بأنها تشبه ما قام به "الرئيس الأميركي جون كينيدي، حيث أدى زيارة إلى كوبا خلال أزمة الصواريخ" في سنة 1962.

وقال هذا المصدر إن "زيارة الملك إلى كوبا تعد بمثابة زيارة إلى الجزائر"؛ أكبر الداعمين لجبهة البوليساريو، التي تمدهم بالسلاح وتستقبل اللاجئين الصحراويين على أراضيها".

الرد الكوبي

لكن المفارقة أنه في وقت وصلت فيه أخبار إلى هافانا تؤكد رغبة العاهل المغربي في قضاء عطلة في كوبا، أرسل نظام كاسترو سفيره في الجزائر، راؤول بارساغا نافاس، إلى تندوف ملاذ البوليساريو.

وقد أقدم نظام كاسترو على هذه الخطوة، على الرغم من موافقته على استقبال العاهل المغربي.

وخلال هذه الزيارة، أعلن نافاس إبراهيم غالي، القيادي في جبهة البوليساريو، أن السلطات الكوبية قد قبلت إقامة الملك على حدودها، لكنها لن تغير من موقفها تجاه الصراع القائم في الصحراء الغربية.

عموماً، لا تعد هذه الزيارة الملكية إلى منطقة الكاريبي الأولى من نوعها.

ففي سنة 2004، قام الملك المغربي محمد السادس بزيارة إلى جمهورية الدومينيكان، حيث قضى بضعة أيام، لكن لم يصحب عائلته معه غير أنه رافقه وفد يتكون من 300 شخص.

وأثناء تلك الزيارة، أعربت آنا خيمينيز، التي كانت آنذاك الناطقة الرسمية باسم وزارة السياحة في جمهورية الدومينيكان، عن فرحتها بهذه الزيارة، معتبرة أنها ستساهم في الترويج للجزيرة على الصعيد الدولي.

في الوقت الراهن، لاتزال السلطات الكوبية تلتزم الصمت حول هذه الزيارة التي فاجأت الكثيرين.

وأشار المدون الكوبي أوريليو بيدرسو إلى أن "الزيارة لم تكتسِ أهمية كبيرة.

ومنذ قدوم العائلة المالكة إلى البلاد، حتى مثول التقرير للنشر؛ لم تتحدث أي نشرة أخبار عن الزيارة.

إضافة إلى ذلك، لم تتطرق وسائل الإعلام الوطنية إلى هذه المسألة".

لكن منحت الزيارة فرصة لأحد المدونين للرد على "أولئك الذين يعتقدون أن ازدهار كوبا في تراجع، قائلاً إنهم مخطئون تماماً".