الموارد البشرية طاقة الحياة!

العرب من أجهل المجتمعات بالإستثمار في الموارد البشرية , وأكثرهم أمية وعجزا وقصورا عن التفكير بآليات إطلاق ما في البشر من قدرات إقتصادية وإبداعية ذات قيمة حضارية معاصرة.

وجميع الأنظمة العربية تشترك بهذه المعضلة وتتمحن فيها وما عرفت لها حلا ومخرجا , والأمر واضح في مصر والسودان والعراق وسوريا وغيرها من الدول العربية , العاجزة عن الإستثمار في مواردها البشرية , والتي لا تجد لها سبيلا إلا بتهجير المواطنين أو دفعهم إلى أتون الحروب.

ففي العراق مثلا عندما توفرت الطاقات البشرية الواعدة المتوقدة المجهزة بالعلوم والمعارف في سبعينيات القرن العشرين , عجزت الدولة عن الإستثمار بالطاقات العراقية المتحفزة الفائرة , فما كان لها إلا أن تتلفها في حرب تواصلت لثمان سنوات ولا تزال عجلاتها تدور في البلاد.

وكلما توفرت الموارد البشرية يتم ترتيب وقيعة لتدميرها , واليوم صار التهجير أو الطرد من البلاد بمعنى أصوب , هو الحل الأمثل , فيتم إختلاق المواقف والحالات الكفيلة بتهجير الناس وترحيلهم من مدنهم وقراهم , ودفعهم للضياع والغياب في شعوب وثقافات أخرى تعرف كيف تستثمر بالموارد البشرية.

فالدول التي ترحب بالمهاجرين لها قدرات وخبرات في إستثمار طاقاتهم وقدراتهم وستزداد قوة بهم.

فلو سألت الصين كيف تقدمت , لأجابت أنها إستثمرت في مواردها البشرية , ولو سألت اليابان والهند وماليزيا وأنونيسيا والدول الأوربية كافة , لوجدت ذات الجواب.

بينما العرب لا يفهمون حتى في الموارد النفطية التي حوّلوها إلى مصدر للويلات والتصارعات الداخلية والإقليمية , وما فكر العرب بالموارد البشرية , فالبشر العربي عدو الأنظمة وعليها أن تقضي عليه لكي تبقى , وعليها أن ترهنه وتأسره وتحكمه بالرعب والمخاوف والحاجات , والحرمان من أبسط حقوق الإنسان وحاجاته الأساسية التي أقرتها الشرائع السماوية والدنيوية.

ولن يكون العرب ويعيشوا بسلام إن لم يوفروا الطعام لأنفسهم , ويصلوا الرحم ويستثمروا في طاقات الإنسان وتأهيله لكي يكون قدرة إقتصادية ذات إنتاجية عالية.

فهل أدرك العرب أن الإسلام في بداياته قد إستثمر في الموارد البشرية العربية والعالمية وحقق ما حقق , وعندما تخلى عن هذه الآلية الحضارية إنحدرت الأحوال إلى الهاوية , وصار الإستثمار السلبي هو السبب الرئيسي لمتواليات الويلات والتداعيات , فكل حل يغفل الإستثمار في الموارد البشرية لا يمكنه أن يأتي بنتيجة إيجابية , وإنما يؤهل الواقع لمزيد من الحُطام!!