غالبا مانشاهد مجتمعنا يشمئز من الخلافات السياسية ويقول أن هذه الخلافات هي السبب الحقيقي لتراجع العراق وتدهور أحواله، وعلى إثر ذلك يتحسس الأعم الغالب من النقاش في المواضيع والاحداث السياسية ليصوروا لك أن السياسة تعني النفاق والكره وتبادل الاحقاد، فولدت هذه المفاهيم الخاطئة تراجعا خطيرا في مدى الوعي السياسي للمجتمع العراقي وخصوصا شريحة الشباب التي هي الأولى في أن تتعمق في العمل السياسي ومفاهيمه. وهنا نأتي لنحلل سبب هذا النفور عن السياسة وربط هذا النفور بالخلافات السياسية المتفاقمة ومايعنينا في هذا الموضوع هو معرفة السبب الحقيقي لهذه الخلافات. لننظر بواقعية الى طبيعة كل صنف من أصناف مجتمعنا ولنرى هل أن السياسيين وحدهم متصارعون فيما بينهم أم أن كل صنف من أصناف مجتمعنا يعاني من التنافر والتسقيط المتبادل؛ انظروا الى شريحة الرياضيين وشريحة الفنانين والادباء والمثقفين والشعراء وغيرهم، فهل ستجدون صنفا منسجما مع بعضه أم أن بعض الاصناف تعاني من تنافس يفتقر الى ادنى درجات الشرف، حتى العلماء..! نعم هناك من ركب موجة العلم واطلقوا عليه لقب المرجع وحجة الاسلام لتوظف هذه الاعتبارات لتشويه المكانة الحقيقة للعلم والعلماء، وهكذا هي السياسة أيضا، فهناك من سمي زعيما وقائدا لكي يسقط غيره من السياسيين وفق مخططات ممنهجة تأتينا من خلف الحدود !. فلماذا لا نعترف بأننا مجتمع متصارع لايقبل بالرأي الحكيم والمشروع الوطني ويصفق للمطبلين واللاعبين على الوتر الطائفي ومن يسيرون بما يرسمه لهم الاجنبي ليبقى بلدنا ساحة لتصفية الحسابات الاجنبية وحصة شعبنا من ذلك العوز والحرمان وسيل الدماء!، وفي كل مرحلة نصب جام غضبنا على السياسة والسياسيين وبعد ذلك نذهب ونصوت لنفس من كان متسببا في معاناتنا، أفبعد هذا كله نقول بأن السياسة تعني النفاق والطائفية والانقسام أم أن الحقيقة أن السياسة بريئة من ذلك فمجتمعنا يعشق الاختلاف ومن يتبنى الاختلاف في كل مجالات الحياة !. دعوة خالصة لاعادة النظر في خياراتنا وأن نرسم رؤانا وتوجهاتنا وفقا لما تتطلبه الحقيقة من نظرة صادقة، ولنخلع ثوب الاجحاف المنسوج بخيوط العاطفة..ولينطق العقل ليقول كلمته.. فالقادم أخطر.
|