رنة القيود |
في محاضرة القاها احد المستشارين الفرنسيين عن نهوض الامم التي عاشت حقبا طويلة تحت مظلة المباديء قال بثقة ان ما يحتاجه وطن مثل العراق ليصحح مساره هو حقبة من الزمن ربما تستوجب التضحية بجيل اوجيلين بعد ان يدفع ثمن ايمانه اسوة بكل الامم التي امنت بالفكر الديني باعتباره مخلص الامم من خيباتها فالشعوب الاوربية لم تصل الى ماوصلت اليه من الرقي الا بعد ان تخلت عن ايمانها الذي قادها الى حروب طائفية تحت مظلة الصليب لتكتشف بعد ان اتخمت وديانها بالقتلى من اجل الرب ولتكتشف بعد ان دفعت الثمن ان الرب لا يمت بصلة لاي حرب انما هي حروب من اجل وكلاء الرب الذين لا ينطقون عن الهوى ولتدرك الشعوب ان الله مع الانظمة العلمانية التي تعطي لكل انسان حقه ولا تجعل من ملكوت الله كعكة تشبع من تشاء وتجوع من تشاء فالانظمة العلمانية هي الاقرب الى رغبة الله . ان نظام الوجود واحد وتلك الايام نداولها بين الناس لعلهم يعلمون فالشعوب كلهم صنيعة الله وقبيل ان يتكلم الله عن ذاته دفع انصاره من الرسل لتحقيق هوية الانسان فقط فكلهم قبيل ان يثيروا انتباه الامم الى الله المطلق كانوا دعاة حرية وايقاف استهلاك البشر من قبل الحاكم او المعبد هكذا فالرسل بداوا علمانيين هدفهم الارض وليست السماء وهكذا فكل كلام الله في كتبه المقدسة ليس سوى يا ايها الانسان-ياايها المؤمن-يا ابن ادم –يا ايها الناس ثم دعوا الى اقامة (قانون)اي قانون يحترم في ظله الانسان وهو ما يدعى (حسن الخلق )ولا يوجد نص واضح وصريح يؤكده عليه الرسل اسوة بكل المصلحين بالارض دعوا الى اقامة نمط محدد من الحكم على الشعوب . لا توجد مشكلة بين الشعوب والله ولم يؤكد رسول على ضرورة تقنين فكره وقفا على الراي (يا ايها الذين امنوا لاترفعوا صوتكم فوق صوت النبي)وهذا الاية وفقا للمنطق لاتعني حرفيا الصوت انما لكل شيء صوت للحق صوت وللانسانية صوت انما عني بها ان لا تسرقوا فكر الله وتنشئوا فكرا يبعد فكر الرسل عن الشعوب ولم يكن الاسلام الذي غالبا ما يعاني من التناقضات والانقسامات بمناى عن الواقع فهناك دين الله الداعي الى كل جميل وهناك دين الخليفة والفقيه اللذان اتفقا على تحوير ما يمكن تحويره من دين الله تماشيا مع مصلحة الهرم الاعلى لذا فقد اصيب الاسلام بالعوق الفكري ليعلن ان فكرة الاسلام اقيمت على السيف وانشطرت الامة والفقهاء لتنجب مذاهب وطوائفا الحقتها حروب لاتحصى اتكلت على فتاوي الفقهاء. حقبة أخيرة لتحظى بمباركة الرب وهي انما بوركت من قبل الفقهاء حتى انحدرت الامة الى الحضيض في عهد الدولة العثمانية لنصل الى الحقبة الاخيرة والتي تمخضت عن الاستعمار الانكليزي –الفرنسي –الامريكي متزامنا معه عودة ثانية الى بناء فكر متطرف اسلامي يؤمن بالسيف بتاسيس حسن البنا لاخوان المسلمين متوافقا مع تسلط محمد عبد الوهاب بالاتكال على تراث الامة المحشو بالتطرف الا ان اتساع رقعة الجهل نثر على الشعوب سحر القداسة الذي لم يجز لاي انسان ان يجتاز الخطوط الحمراء للقداسة ولتنتشر تلك الفكرة الى الخط الشيعي ايضا فانجبت حكما اسلاميا شيعيا في ايران ثم صار حلم كل الشعوب المعدمة هو(حكم الله)الذي رسبه الفقهاء في نفوسهم منذ عشرات القرون والاف المنابر وملايين الكتب وبات المسلمون يحلمون بالعدل والحق والخبز لم يكن الربيع العربي وليد لحظة فالمؤسسات العالمية تنتظر لحظة الاتقاد وهاهي بدات لتسقط كل الانظمة العلمانية بحجج شتى ولتحل محلها النظم الاسلامية في الدول التي كانت اصلا تناهض قيام دولة اسرائيل وقد اجادت الدول الكبرى فعلا في تحطيم الماكنة العسكرية لتلك الدول ناهيك عن تدمير البنى التحتية واشغال الشعوب بلعبة التطرف الديني الذي لن يبقي ولن يذر .لقد خابت احلام الشعوب فحين تزوج المعبد من السياسة انجبا مقابر وخرابا واوجاعا لا تنهيها الا انقضاء الايام الفكر الديني الذي حكم اليوم عجز بالكامل عن ادارة شعوب الدولة بل وخلق فجوة قادت الانسان العربي لاعادة التفكير بايمانه بالفكر الديني فاضافة الى نمو الفكر الالحادي في المجتمع العربي كردة فعل لفشل وسوداوية الفكر الاسلامي المتمثل بالفكر المتطرف المذهبي (تحت مظلة التكفير)هذا الفكر الذي جعل العرب يفكرون ثانية بالعودة الى الفكر العلماني وتاييد الحكم المدني ولعل سوء ادارة الاحزاب وعجزها عن احتواء وادارة الاوطان فلجات الى القتال لتغطي على خيبتها ناهيك عن اتكالها على النهب والسلب لثروات الشعوب مما قاد الى اهتزاز الثقة بين المواطن والمعبد . اسوار الفكر ان التغيير لا ياتي بسهولة لسبب بسيط الا وهو ان اسوار الفكر المذهبي الذي بني منذ عشرات القرون لا يمكن لحفنة معاول ان تهده ولو بسنوات الا ان هناك املا وطريق لا بد ان تمشيه الشعوب لتقر بخطئها بتقديس العمامة الا وهو الوجع الذي ستجنيه كل الشعوب لا فرق بين مثقف اوجاهل وهذا ما سيدفع شعبا مثل العراقيين الى الصمت امام الفكر المذهبي المتطرف والذي جمع الاطراف الاقليمية لتاجيجه لعجز المجتمع عن انجاب قائد واحد. لذا فان انشاء حكومة وطنية يعد ضربا من المستحيل في ظل حكومة تؤمن بالتقسيم العرقي او المذهبي وكذا من طرف اخر فان ازدياد عدد العاطلين ومصالح البعض سيقود الى بقاء هذه الحكومة مالم يحدث انقلاب بايعاز من امريكا ولذا في حال بقاء الحكومة فان تغيير الشعب لفكره في انشاء دولة بمعزل عن الفكر الديني يتطلب عدة دورات اخرى لكن بعد دفع ثمن الجهل والتهاون . ونصرة الاحزاب الراديكالية المتطرفة وبعدها ستولد حكومة بعيدا عن الفكر الطائفي تعتمد على نظام المؤسسات.
|