العراق من الفدرالية إلى التقسيم

لم يعد خافيا غلى أحد ، أن بتبني النظام الفدرالي ، جاء من قبل الساسة لوحدهم ، وأن لا دخل للشعب باختيار هذا النظام على الإطلاق ، ولم يك المواطن العادي يعرف مضمون هذا النظام أو على الأقل لم توضح إليه تفاصيله ونتائج تطبيقاته وقد كانت رغبتهم هم ليس إلا ، والدليل أن السياسي مرر الفدرالية ضمن الاستفتاء العام على الدستور ، لاوفق استفتاء مستقل ، كما هو مطلوب لأن هذا النظام حول الدولة من دولة بسيطة إلى دولة مركبة (فدرالية )، وكان التحول مفاجئا ومربكا الى حد خضع للاختلاف والتأويل على مدار التطبيق في كل الأعوام السابقة ، كما وأنه لم يك نتيجة تفاعل أفكار واستشارات خبراء علم السياسة أو رجال القانون الدستوري ، إنما هي انعكاس لرغبة الأخوة الكرد ، أو بعض التابعين لهم من بعض قادة الأحزاب والشيعية بالذات . هذا ولم تك قد اتخذت الإجراءات أو التدابير اللازمة للتهيئة لهذا التحول الخطير في بنية الدولة ، ولم تك النوايا هي أيضا من أجل التطوير إنما هي من أجل إثبات الذات سواء لقادة الكرد أو لمن يسعى أن يكون رئيسا لإقليم عند السياسيين العرب ، فهي برمتها عملية مستعجلة خجولة من الشعب ، وكان من نتائجها تهيئة الاذهان لضعاف النفوس للتفكير في الأقاليم بحب نزعة الزعامة أو لأهداف جهات خارجية تريد تقسيم هذا البلد وأضعاف شعبه .
إن تشكيل الأقاليم أو أحلام الدولة ليس بالسهولة كما يتصور بعض مبتدئي السياسة ، فالدولة تحتاج إلى تكامل عدة عوامل ومستلزمات ،منها الاختلاف المناخي واختلاف مصادر الثروة ، وتكامل أسباب ومصادر التنمية ، كما وان اية دولة بفعل عوامل عسكرية واقتصادية بحاجة إلى منفذ بحري ، يمكنها وفق غلم الجغرافية السياسية من البقاء واستمرار الاتصال بالعالم الخارجي ، وقد أثبتت التجربة على مدى الأعوام السابقة فشل الإدارات المحلية ولكل المحافظات في الإقليم وغيرها ، من بناء حياة جديدة للمواطن إنما جرى العكس وبفضل عوامل عديدة أهمها الاختلاف والمناكفة توقف التطور والتقدم حتى وصل الأمر إلى فقدان الخدمات . وصولا إلى تراكم الإزبال في المدن والقصبات وحتى مراكز المحافظات ، فهل يصح بعد كل ما تقدم ، أن تستمر تطبيقات هذه القوانين . ابتداءا من الفدرالية وصولا إلى قانون المحافظات ، ونقل الصلاحيات .
إن العلاج واضح وجلي يكمن في تغيير الإنسان العامل وخاصة الفاسد ، فالفاسد يفسد تطبيق القوانين ويغتني بالحرام من المال العام ، وأن الأمي الجاهل بأمور إدارة المحافظات هو الاخر عامل تأخر هذه المحافظات ، وعامل تحولها إلى أعباء على المركز الذي هو بدوره يئن من الفاسدين والاميين ومن هم دعاة الفدرالية ، الذين فشلوا في ظلها وفي ظل غيرها من أشكال الدول من تحقيق التقدم لشعوبها ، فالعيب ليس في شكل ونظام الدولة العيب كل العيب في الإنسان الذي يتصدى لإدارتها.