إرهاب الإستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينة

 

تعد الارض في المشروع الصهيوني أحد أركانه الاساسية في فلسطين . أذ أنه مشروع استيطاني أساسه استقدام اليهود من بلدانهم الاصلية أو الدياسبورا بلاد الشتات حسب التعبير الصهيوني وأحلالهم محل العرب الفلسطينين في الارض العربية الفلسطينية . وقد كان الشرط الاساسي للاستيطان في فلسطين أغتصاب الارض والاستيلاء عليها بأية صورة من الصور وتعطيل الامن الغذائي للعرب سواء في فلسطين أم الدول العربية الاخرى ، لذلك لم تتوان الصهيونية وأجهزتها الارهابية عن أتباع الاساليب الارهابية في سبيل تحقيق السيطرة على الارض بوصفها أرض الميعاد .

وقد جاء الرد الانفعالي الاسرائيلي على قرار مجلس الامن  التابع للامم المتحدة الصادر بتاريخ 23 ديسمبر 2016 بإدانة الاستيطان الإسرائيلي و وقف الاستيطان في الضفة والقدس الشرقية المحتلتين ، دليلا” واضحا” على النهج والسلوك الارهابي الذي دأب الكيان الاسرائيلي على ممارسته ضد الفلسطينيين ، وذلك باعلان رئيس الوزارة الاسرايلية نتانياهو عن نية حكومته اقامة المزيد من المستوطنات الصهيونية حول مدينة القدس وفي الضفة الغربية المحتلة منذ العام 1967 بهدف تقطيع أوصالها وجعل اقامة دولة فلسطينية على اراضي الضفة الغربية أمرا” مستحيلا” في المستقبل .

ولما كان الأستيطان الصهيوني في فلسطين استيطان أجلائي – إحلالي يقوم على أجلاء العرب الفلسطينيين وأحلال اليهود بدلاً منهم . فقد قام على أساس الاستيلاء على الارض وتفريغ سكانها منها بطرق شتى كان للعنف وأرتكابه المجازر الجماعية موقع رئيسي فيها لذلك فهو إرهاب بالأستيطان وهو مايميزه عن غيره من التجارب الاستيطانية في التاريخ القديم والحديث وقد كانت السياسة الاستيطانية الصهيونية واضحة في أذهان المخططين الصهاينة منذ البداية واعتمدت على إقامة منطقة يهودية في فلسطين ، ليس فقط عن طريق المناورات السياسية .. وأنما ايضاً على أرض الواقع من خلال المستعمرات ، والوجود الصهيوني المسلح في هذه المستعمرات تمهيداً لانشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ، في ذات الوقت لايمكن فصل عمليات الاقتلاع والتهجير الجماعية للشعب العربي الفلسطيني عن المخططات الاستيطانية الصهيونية ، أن للمشكلات في السياق العام وجهين لعملة واحدة ، فلا تتم الثانية الا بتحقيق الاولى ومن هنا كان وجود السكان العربي الفلسطيني مشكلة سياسية فرضت نفسها على المشروع الصهيوني في فلسطين ، فاعتبرتها الحركة الصهيونية معضلة أطلقت عليها تعبير المسألة العربية في فلسطين وكان أول من طرح فكرة الطرد أو التهجير في تاريخ الصهيونية  الحديث الزعيم الصهيوني  زنغفيل الذي قال في العام 1905 أنه مامن حل للمشكلة اليهودية إلا بطرد الفلسطينين بالسيف أو ضمان هجرتهم  وقد كان لهذه الافكار رواجاً بين الزعامة الصهيونية . وقد أنعكست ذلك أيضاً في الدعاية الصهيونية الشهيرة التي أطلقها المشاركون في مؤتمر بازل في العام 1897 عن فلسطين بوصفها أرضاً بلا شعب لشعب بلا ارض . وقد كتب يوسف فايتسد الذي عمل مدة طويلة مديراً للصندوق القومي اليهودي كما عمل مستشاراً لرئيس الحكومة الصهيونية للشؤون العربية ، في مذكراته الخاصة عام 1940 بيننا وبين أنفسنا يجب ان يكون واضحاً أنه لايوجد مكان في البلاد لشعبين معاً  .. فمع وجود العرب لن نتمكن من تحقيق هدفنا المتمثل بان نكون شعباً مستقلاً في هذه البلاد، أن الحل الوحيد هو أن تصبح أرض أسرائيل ، وعلى الاقل ارض اسرائيل الغربية بدون عرب .. ولاتوجد طريقة أخرى لتحقيق ذلك غير نقل العرب من هنا الى الدول المجاورة ، نقلهم جميعاً بحيث لاتبقى هنا قرية واحدة .. ومع هذا النقل فقط يمكن للبلاد أن تستوعب الملايين من أخوانناعبدالحميد الشوبكي ،  كاتب مصري الاستيطان والارهاب والاستراتيجية الصهيونية ، بحث منشور على الانترنيت  www.moqawama.org بتاريخ 4/7/2004  .  وقد نظر القادة الصهاينة الى تلك الافكار والمؤامرات بانها لاتمثل اي أعتداء على حقوق المواطنين الفلسطينين وأنها لاتتسم بأية صفات أرهابية ، وقد ذكر ” سمحا فلابان” ذلك بقوله ” كانت خطط الطرد الجماعي تظهر دوماً خلال المناقشات الصهيونية للمعارضة العربية في فلسطين وقد رفض وايزمن وغيره أن يسلموا بأن فكرة الطرد الجماعي عمل لا أخلاقي ومع أنتهاء عقد الثلاثينات كان هناك أجماع صهيوني ينادي بالطرد الفلسطيني أذ تشكلت لجنة ضمت عددا من قادة الحركة الصهيونية ، هدفها وضع دراسة ورسم خطط لطرد الفلسطينيين في كل زمان ومكان ، وكان من بين أختصاصات تلك اللجنة أيضاً جلب اليهود وتوظيفهم في فلسطين ..وقد أطلق عليها أسم لجنة الترانسفير  . حيث كانت مدة الانتداب البريطاني لفلسطين قد شهدت طفرة في عدد المستوطنات الصهيونية أذ تعاونت الحركة الصهيونية وقوى الهيمنة الغربية المتمثلة بالاستعمار البريطاني على طرد الفسطينيين وسلب أراضيهم وتقديمها للصهاينة لزرع المستوطنين فيها . ويظهر مدى التعاون بين الحركة الصهيونية وقوات الاستعمار البريطانية من خلال قراءة ماكتبته الكاتبة البريطانية  فرنسيس نيوتن حيث  أكدت بأنها شاهدت بأم عينها كيف وقعت معركة بين المستوطنين اليهود وبين الفلاحين الفلسطينيين في بلدة العقولةعبدالحميد الشوبكي ، المصدر السابق ، ص3  ? عندما حاول المستوطنون منع الفلاحين الفلسطينين من فلاحة  ارضهم وقد أرغمت قوات الانتداب الفلسطينيين على أخلاء أراضيهم بالقوة ومنعهم من فلاحتها . وقد كان عدد المستوطنات الصهيونية في نهاية مدة الانتداب البريطاني في فلسطين قد أرتفع الى 304 مستعمرة خلال فترة الحكم البريطاني . وهذا مؤشر واضح على التوافق الصهيوني البريطاني على أرهاب العرب الفلسطينين وتهديد أمنهم لأجبارهم على الرحيل وترك أراضيهم الى المستوطنين الصهاينة . أن الأرهاب بالاستيطان كنمط من أنماط الأرهاب الصهيوني تجلى بشكل سافر إبان سلسلة من الاعتداءات والمذابح والمجازر قام بها المستوطنون الصهاينة ضد القرى  العربية في فلسطين والتي كان ابرزها قرية دير ياسين التي تعرضت لمذبحة شهيرة راح ضحيتها العديد من النساء والاطفال والشيوخ وقد أدت المذبحة الرهيبة الى أحداث حالة من الفزع لدى الشعب الفلسطيني مما اسهم في نزوحهم عن بيوتهم وقراهم خوفاً من بطش عصابات الأرهاب الصهيوني وقد علق على تلك المجزرة  الأرهابية مناحيم بيغن قائلاً  كان لهذه العملية نتائج كبيرة غير متوقعة ، فقد أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قوي فأخذوا يفرون مذعورين  . فلم تكن دير ياسين تصرفا  أهوج قام به أرهابيون منفردون وأنما كانت حلقة في سلسلة من الخطط الارهابية المنظمة أطلق عليها أسم سي –2 وشملت تنفيذ  عمليات أرهابية في كل أنحاء فلسطين ضد العرب وشن غارات متكررة .. لتحقيق المرحلة الاولى من مخطط طرد الشعب العربي الفلسطيني. أما المرحلة الثانية فقد وضعت لها الخطة  دالت والتي قامت على أساس الدخول في معارك مع الجيوش العربية وطرد العرب من قراهم ومدنهم الى خط التقسيم الذي شكل حدود الدولة العبرية أما هدفها الثاني فكان السيطرة على الجزء الثاني من فلسطين الذي نص عليه قرار التقسيم وطرد البقية من أبناء الشعب الفلسطيني . وهو ما دأبت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة على تنفيذه منذ 1967  ولذلك فان خطط نتانياهو لتوسيع وبناء المزيد من المستوطناتالمغتصبات الصهيونية تأتي في سياق النهج الارهابي والسلوك الاجرامي الاسرائيلي المدعوم من قبل الولايات المتحدة الامريكية على حساب الشعب العربي الفلسطيني