بغداد الجميلة |
نحن نغرق في الواقعية الى العنق حينما نتكلم عن بغداد ماضيا وحاضرا وحتى مستقبلا فلا وجود لقلق اجتماعي من ديمومة المبادىء السامية فينا . وبدون شك اننا نعتقد صادقين بكون العراقي في بغداد والمحافظات المجاهدة هو من يحدد وبشكل كبير سعادة سكان المعمورة او قلقهم وقد يعاب علينا هنا ونتهم بالوقوع في المثالية وهي تهمة نرفضها فمنطلقنا هو الواقع ولنا في كتابات المؤرخين المنصفين ما يعزز ما ذهبنا اليه . فلو ذهبنا طارقين ابواب الفن في العالم لفتح لنا الباب عندهم عراقي قد اقام له معرضا فنيا على ارض الغربة ولو تبارى الفنانون في العالم لكان السبق من حصة العراقي .. وحينما تتناول الادب وتدقق في فنونه فستجد العراقي يعتلي القمة الاعلى بين القمم .. اما اذا كنت متابعا للعلم والعلماء فلا شك انك لا تغترب وانت ترى العراقيين وهم يغزون ورشات العمل ومختبرات البحث والدرس في شتى اقطار العالم وان اقتربت اكثر الى عالم السياسة والفكر والاقتصاد ستجده باحة غناء بالعقل العراقي المثابر . لقد كتب المستشرقون الكثير عن بغداد ومعالمها الحضارية والانسانية ونقل المصورون اجمل الصور من بغداد الشعر والف ليلة وليلة وجمال دجلة الخير وصفاء قلوب البغداديين ونبل اخلاقهم واخراج فولكورهم ورائحة محامص قهوتهم والسمك (المسكوف) وكلمات الترحيب والكرم التي لا تجد مثيلاتها في بلاد العرب (هلا عيني هلا اغاتي تفضل عيوني) كلمات تخرج من القلب وتخاطب القلب الآخر بموسيقاها ذات الوقع الانساني الكبير وان ما يهمنا من كل هذا هو محافظتنا على التراث الحضاري الناتج عن امجاد اجدادنا في الماضي البعيد لنكون بحق خير خلف لخير سلف . ومن هنا بات من الضروري التنبيه الى واقع الحال وادوات الضغط الفاعلة بسبب التحول الثقافي المبرمج من الغرب واللوبي الصهيوني الامريكي لسلخ ابن بغداد عن ماضيه المشرق وجره الى غمار التمتع بالثمار التي انتجتها العولمة لكي ننسى الاصل والفصل والجذور التي ضحينا من اجلها ولتثبيت غرسها سنوات بل قرونا طويلة .. وعلى الثوري وفق هذا المعنى ان يدرك ان الثورة ليست استهلاك افكار ولكنها دم وعرق وارواح تزهق والجهد المبذول فيها هو اولا وقبل شيء وجود وحب للبقاء و الطمــأنينة والاستقلالية والرفاهية والسعادة … الخ. لقد اصبح من الواضح ان بغداد الجميلة تتعرض اليوم الى هجمة شرسة تتعاون فيها محاور خارجية وداخلية وحتى اقليمية ولم تترك سبيلا او طريقا لتحقيق مآربها الدنيئة الا وولجته بقصد ازالة الوهج الجميل عن بغدادنا الجميلة الزاهية برجالها ونسائها والعامرة باضرحتها وطقوسها وشعائرها عنوان الوفاء والايمان .. وبالرغم من شح الخدمات وعزوف المسؤولين في بعض مفاصل العراق الجديد عن توفير الحد الادنى منها لكن الامل ما زال يداعب مخيلة البغدادي الصابر المحتسب . وان الحل بين ايدينا وعلى مقربة منا ولا يتم الوصول اليه الا بتوفر النوايا الحسنة وانتخاب الافضل لقيادة المجتمع باخلاص وان ترص الصفوف ولا نترك ثغرة ليدخل منها اجندات ومن لف لفهم من ارهابيين وصهاينة والمحافظة على هوية بغداد خارج المظلة العدائية واجندة الداني والقاصي من اصحاب المصالح المغرضة .. ولتعش بغداد على مر الدهور ابية وشامخة تناطح السحاب علوا وشمم |