الفيروسات جسيمات أكتشفت عام 1898 , وما أن تدخل إلى الخلية التي تصيبها , حتى تعطل عملها , وتصيب نشاطاتها البيولوجية باضطرابات شديدة , تتسبب فيما نسميه بالالتهابات الفيروسية أو غيرها من الأمراض المعروفة. وفيروسات الأنفلونزا معروفة , وتحصد من البشر الملايين كل عام , برغم ما يمتلكه من قدرات وقائية وعلاجية ضدها. والأمراض الفيروسية من أخطر الأمراض لأنها تنتشر بسرعة , وتكون ذات تأثيرات مرضية عالية ومكلفة. وفي عالم اليوم أصبحنا نتحدث عن الفيروسات الإليكترونية , التي تصيب أجهزتنا وتعطل عملها , وتحيلها إلى خراب. وبسبب هذه الفيروسات نخسر الكثير من الجهد والوقت , مثلما حصل لي قبل يومين , حيث أطاح بمئات المقالات والعناوين فيروس لعين , داهمني عن غفلة أو عن قصد , فوجدتني أقف حزينا متألما , متأسفا على الكلمات التي حشوتها في فم الكومبيوتر , الذي ربما سئم مني فقرر أن ينتقم لنفسه , فاستدعى فيروسا إليكترونيا , ووفر له ظروف الحماية والتسلل لمهاجمتي وقتل أفكاري. وهذه ليست المرة الأولى , التي يطعنني فيها فيروس إليكتروني , فقبل أعوام , كنت على وشك الانتهاء من كتاب , وفي الفصل الأخير أحرقه فيروس شرس فتاك. ومنذ ذلك الوقت الأليم أدركت أن " كل علمٍ لم يحويه القرطاس ضاع". ولهذا تعودت الكتابة على السطور , وإن سنح الوقت أنقلها على الشاشة الصغيرة , وأنا مطمئن بأن عندي نسخا منها على الورق. ولكن المشكلة لا زالت ذات خسائر فادحة , لأن الذي قمتَ بنقله من الورق إلى الكومبيوتر , عليك أن تعيد كتابته من جديد , وهذا يكلف وقتا وجهدا قد لا يتوفر. كما إن إعادة كتابة الموضوعات حالة مملة ومزعجة! وبعد أن أصابني الفيروس الإليكتروني بهذه الوكعة , وجدت من المستحسن , أخذ فترة راحة أو نقاهة , على أمل أن أشفى من هذه الإصابة الحادة المفاجئة , التي زعزعت آفاق خيالي, وداهمتني بعواصف الفقدان. فما أصعب أن يفقد الذي يَكتب ما يكتبه برمشة عين , وهذا من مساوئ الكتابة الإليكترونية , برغم ما تدّعيه من محاسن وامتنان! فهل سأستعيد ما سرقه مني فيروس الكلمات الشديد؟!! ووفاكم الله من شر كل فيروس منتهزٍ خبيث!!
|