متى نرى مشاريع مصالحة حقيقية؟

 

من المؤسف انه منذ ظهور الخلافات السياسية بعد الاحتلال، طرحت عدة مشاريع ومبادرات، كالمصالحة، ومؤتمر الطائف ،والطاولة المستديرة، ومؤتمرات بوس اللحى وغيرها، تبنتها جهات خارجية واقليمية، تصب وتتحدث عن مصالحة وطنية، و قد رصدت لها ملايين الدولارات، ورفعت لها كثير من الشعارات، ولم نر شيئا قد تحقق من هذه الشعارات على الواقع ، بل زاد التنافر والانقسام بين السياسيين والذي انعكس على واقع الشارع العراقي.حان الوقت ان نهيئ الاجواء لتحقيق أوسع وأشمل مصالحة وطنية حقيقية، بين فئات الشعب وفي مختلف المناطق والمحافظات، وازالة التوترات والاصطفافات الطائفية والعداوات، التي تولدت أثناء الاحتلال الامريكي، واحتلال داعش الارهابي لعدد من المحافظات، وغلق ملف الانقسام بين ابناء الشعب ، لان التشرذم والتفسخ مرعب ومخيف، الانقسام مقيت ،وتداعياته خطرة ومقلقة للجميع، البيت العراقي منقسم ،لان اطرافا في العملية السياسية ،لاتريد وحدة هذا البيت الكبير( العراق)، ولاترغب بالتهدئة والتأخي. الفقر على امتداد الوطن، اجيال فاقدة للأمل، كثر الانتهازيون والمنافقون وتجار الدم والمصالح الخاصة والحزبية والجهوية. هناك مجاميع من اشخاص واحزاب، استغلت السلطة والجاه للحصول على المكاسب والغنائم، مما أدى إلى ضياع اموال الشعب ومقدراته بين أنياب المنتفعين والمتسلقين ، الذين قايضوا على ثروات البلاد، وتمزيق وحدته الوطنية ، والذين جعلوا البلاد بقرة حلوبا، وفضلوا المتاجرة بدماء شعبهم ووطنهم..!! لن تنجح سياسة الحزبية المقيتة وسياسة التفرد بالقرار، مازال الناس منقسمون، ينظرون كيف تتم اجراءات الوظائف ،والتعيينات والترقيات، الكل له اجراءاته، بالفصل، والتهميش، والاقصاء، الغرب ودول الجوار ،اكثر المستفيدين من الانقسام، داعش الارهابية تفتك وتقتل هنا وهناك، والداعشيون كثر في العراق ،اليوم يحللون الدم العراقي الطاهر. ” اسرائيل ” وامريكا ، والغرب الاستعماري ،ودول الجوار تستغل هذا التشرذم ،للاستمرار بسياستها، وتضييق الخناق على بلدنا اقتصاديا ،وعسكريا بحجة داعش الارهابي، وقائع كثيرة على الارض تؤكد ذلك.

خطوات المصالحة

وعليه يستوجب العمل بخطوات عملية ، لغرض البدء بتطبيق اتفاق المصالحة، عمليا على الأرض ، وليس شعارات ومزايدات  تبقى حبرا على ورق. ولإزالة هذه المخاوف من خلال :

أولا:- البدء بأول الخطوات المصالحة وهي المصالحة المجتمعية بداية الطريق لمصالحة شاملة ولإنهاء الانقسام بين ابناء الوطن مذهبيا وطائفيا وأثنيا وقوميا.

ثانيا:-إعادة النسيج الوطني العراقي واللحمة بعد فقدانه وإعادة بناء الثقة بين جميع الاطراف وتقبل الأخر واحترام التعددية والتمسك بمبدأ الشراكة في بناء الوطن والحوار الوطني البناء وتغليب المصلحة الوطنية على أي مصلحة اخرى.

 ثالثا:- اطلاق سراح السجناء غير الملطخة ايديهم بالدم العراقي الطهور من خلال قانون عفو عام ينصف المظلومين .

رابعا:- التفاف الجماهير خلف هذا الاتفاق عبر المسيرات الحاشدة الداعمة والمساندة له لقطع الطريق امام المتربصين الذين يؤججون الشارع طائفيا لشق وحدة الشعب ولحمته وتآخيه.

خامسا:- إشراك الكفاءات المهنية العلمية والشبابية المهشمة بالحكومة وايجاد فرص العمل للعاطلين.

سادسا:- إعادة بناء ستراتيجية وطنية ورؤية وطنية شاملة تستند للمصلحة الوطنية العراقية والعمل وفق إطار المصالح العليا للشعب العراقي ووفق الثوابت الوطنية العراقية.

سابعا:- نحن بأمس الحاجة لمراجعة تنظيمية وفكرية إعادة تقييم مرحلة كاملة لتجربة موضوع المصالحة والمسيرة السياسية الحالية للمصالحة. ، هنالك الكثير من الأسئلة لدى المواطنين  على الوضع في البلاد الذي يزداد سوءا ، لا يستطيع المواطن وحده هزيمة الانقسام و تجاوز كل العقبات والعراقيل التي تعكر عليه حياته وتحول دون أن يحيا حياة طبيعية . خاصة وان هناك حراكا شعبيا وحالة تذمر بل غضب على الاحزاب وحتى داخل الاحزاب نفسها وهذا الغضب اصبح يحرج الاحزاب المساهمة في العملية السياسية.

سفينة النجاة

 إن المصالحة والشراكة و الوحدة الوطنية هي سفينة النجاة ،التي ينبغي علي الجميع التمسك بها ، إذا تمكن كل حزب وكتله من هزيمة معيقات المصالحة ،و توافرت لديه رغبة صادقة وجادة في ذلك الوقت يمكننا الحديث عن مصالحة حقيقية، علينا تحقيق الوحدة الوطنية، خاصة وأننا نرى حجم الانشغال العالمي بالصراعات المحتدمة في عالمنا العربي، فاستجداء المواقف من  الامم المتحدة ودول الجوار لإضفاء الشرعية على مشاريع جديدة لاتهدف لمصالحة حقيقية ،سيكتب لها الفشل ولن تجدي نفعا. و لا تدعوا التاريخ يقول ان العراقيين هم من دمروا وطنهم بأيديهم ، لان عيون العالم كلها علينا و الاعداء من حولنا كثيرون و يتربصون بنا بشماتة ، فالتاريخ لا يرحم و لا يغفر . وتبقى هذه المبادرات دون تقديم أي تنازلات فان كل مايصدر من تصريحات وبيانات ما هي الا استهلاك للوقت، في محاولة من قبل كل طرف ان يحقق مكاسب فردية تدفع به  الى خطوة متقدمة يستغلها من اجل مصالحه الخاصة، ونتمنى ان يشعر المواطن العراقي بوجود مشاريع مصالحة وطنية حقيقية شاملة ،هادفة لوحدة الوطن والشعب وان يكون شعار الجميع، الوطن للجميع…