نهاية دولة الخرافة والوهم |
نشر موقع الـ «بي بي سي» موجزاً لما نشرته صحيفة «الغارديان» على صدر صفحتها الأولى من تقرير تحت عنوان «الخروج الجماعي للمقاتلين الأجانب يضعف تنظيم الدولة الإسلامية»، يكشف أن عدداً كبيراً من المقاتلين الأجانب والمتعاطفين معه بدأوا بالتخلي عنه ودخول الأراضي التركية. العرض الموجز دفعني لمراجعة موقع «الغارديان» للوقوف على التفاصيل، حيث كان بريطانيان وأميركي واحد، ضمن هذا «الرحيل الجماعي» الذي يستنزف الرتب القيادية في التنظيم. فالشاب اللندني ستيفان آرستيدو الذي اختفي في العام 2015 مع زوجته (بريطانية من أصل بنغلاديشي) في لارناكا بقبرص، ليظهر بعدها مرتدياً زي «داعش»، وعاش مدة عامين في الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، لكنه ظهر مؤخراً على الحدود التركية، حيث سلّم نفسه للسلطات الأمنية. أما زميله الأميركي، كاري بول كليمان (46 عاماً)، من فلوريدا، فقد وصل إلى الحدود التركية هارباً مع زوجته الحالية (سورية)، وكان بصحبتهما امرأتان مصريتان، قتل زوجاهما في القتال في سورية أو العراق، من دون أن تحدد الصحيفة بالضبط. وكان كليمان قد طلّق زوجته الأميركية في 2011 واتجه إلى مصر، وتزوّج امرأة مصرية، ولم يصمد الزواج فتوجّه إلى دبي ليعمل بوظيفة (IT) بإحدى المدارس، وهناك التقى زوجته الحالية التي أنجب منها ثلاثة أطفال. هؤلاء المقاتلون الهاربون من أراضي «داعش»، بعد أن أوشكت سفينته على الغرق والتحطّم على صخور الواقع، يصلون للحدود التركية بأعداد كبيرة. والكثيرون منهم يطمحون للعودة إلى بلدانهم، حيث سيواجهون تقييماً لدرجة الخطورة التي يشكلونها على مجتمعاتهم، كما سيواجهون عقوباتٍ تتراوح بين 7 و15 عاماً بحسب الـ «بي بي سي»، إلا أن موقع الصحيفة يذكر عقوبة السجن المؤبّد، تبعاً لحجم ما ارتكبوه من جرائم ضمن صفوف «داعش». الانهيار الوشيك للتنظيم وما ينتج عنه من هروب جماعي، يهدّد بانتشار عناصره في عدد من البلدان، فالمخابرات الدولية تتكلّم اليوم عن نجاح ما لا يقل عن 250 عنصراً في الرجوع إلى بلدانهم كبريطانيا وفرنسا وبلجيكا، متسللين عبر الحدود التركية. الحلفاء الغربيون أخذوا حذرهم واستعدوا لاصطياد العائدين، فيما بدأت بلدان أخرى، تتجهز لاستقبالهم، مثل تونس التي التحق بضعة آلاف من مواطنيها بصفوف التنظيم، وتحوّل موضوعهم إلى قضيةٍ تشغل الجميع. مع زيادة تضييق الخناق على التنظيم فيما تبقى من أراضٍ يسيطر عليها في الرقة شرق سورية، والموصل شمال العراق، ستزداد حركة هروب عناصر «داعش» وانتشارهم في مختلف البلدان. وهذا الهاجس ليس بعيداً في عدة دول، وخصوصاً مع وجود ظروف يمكن أن تستقطبهم، كما في ليبيا واليمن، أو شبه جزيرة سيناء بمصر، أو حتى الدول اللصيقة بسورية كالأردن وتركيا، حيث انضم بضعة آلاف من كلٍّ منهما بصفوف «داعش» قبل سنوات. مقطع فيديو قصير، يتم تداوله هذه الأيام، يلخّص سيرة «دولة الخلافة» الكاذبة هذه، يظهر فيه قاضٍ شرعي، لما يُسمّى بـ «جيش الفتح»، ليعلن براءته من القرآن والإسلام ونبيِّه وعقائده ودخوله المسيحية، ليبدأ صفحةً جديدةً في حياته كما قال، استهلها بإعلان اعتذاره لليهود والمسيحيين وغيرهم، بعد سنواتٍ قضاها في القتل والتفجير وإزهاق الأرواح باسم الإسلام والقرآن و «الجهاد»، حيث ربّته عائلته على الحقد والكراهية والعداء للآخرين وقتلهم، وأنه سيد على الناس والبقية يجب أن يعيشوا أذلاء! هذه تربيتك ونتاج بيئتك… والإسلام ونبيّه منها براء. |