اللجان التحقيقية مقبرة للحقائق |
شهدت البلاد والعملية السياسية احداثا كثيرة وكبيرة تسببت بازمات وتبادلت مختلف القوى الاتهامات والصق بعضها بالأخرين ظلما وزورا وتراشقت بعض الأطراف بالشتائم ، وبالتالي تعقدت الحلول واتسعت المسافات ليس بين القوى السياسية ، وانما بين جمهورها ، بل عمقت الهوة بين الناس عموما . وقد شكل البرلمان والحكومة لجان عديدة للتحقيق في هذه الحوادث وتقصي اسبابها لاجل بيان الحقائق وتحديد المسؤولية ، ولكن هذه اللجان المتعددة والممثلة فيها كل القوى النيابية او الحكومية والتي اعدت تقاريرها بشأن ما كلفت به ، لم تكن صريحة وواضحة مع الجمهور ، بل عملت بعضها على طمس المعطيات والحقائق وقبرها في أضابير ، وكأن هناك اتفاقا ضمنيا بين الأطراف المتصارعة ان لا تكشف شيئا مما هو مطلوب منها ، او ان الاطراف الفاعلة تستطيع طمطمة ما تريد . المهم اخر اللجان كان في التحقيق باحداث الحويجة، وهذا التقرير المهم لم ير النور ، وبقى الجمهور يتكهن ويحلل بناء على معطياته الخاصة وما تضخه اليه بعض القوى التي لن تكون مجردة في حياديتها اطلاقا ، كل طرف يروي روايته التي تتضارب مع روايات الاخرين .. المهم في كل دول العالم اللجان التي تشكل لتقصي الحقائق ما تتوصل اليه يكون شفافا وصريحا وفي متناول الناس ويحكمون عليه ويناقشونه ويطعنون به ويشيرون الى صوابه او خطأه بلا تردد او خوف . حتى القوى المتضررة او التي يشار اليها بالتقصير لا ترضى بحجبه او قطعه . للاسف نحن اصبحنا بلد اللجان التي لا فائدة منها ، بل انها تكلف الدولة مالاً وجهداً من دون ان يكون مثمراً بيان الوقائع كما هي . الناس باتوا يقولون مع سماعهم عن تشكيل لجنة ما، ان الحقيقة ضاعت ولبن العصفور اقرب الى اصحاب الحقوق او الحلول ، هذه اللجان صارت للتسويف والمماطلة حتى في المسائل ذات المساس بالحياة اليومية للمواطنين كلجان التعويض عن الكوارث والنكبات . وهناك من ينتظر تشكيل اللجان ليملأ جيوبه مما يمكن ان يحصل بطرق مشروعة ، ومما هو غير مشروع عن طريق ابتزاز المعنيين بالموضوع ، اي انها باب جديد للفساد وانتهاك حقوق المواطنين. |