اخص بهذه الكلمة اصدقائي المثقفين، الذين أسترشدُ الى اسمائهم، واحداً واحداً، من شراكات في الكتابة والنضال والاستراحات، او الذين يحملون اسماء لم تصل الى حافظتي وإنْ هي في ضميري، وبالمعنى الواسع لموصوف المثقف، بمن فيهم اولئك الذين يحوّلون جريد النخيل الى تشكيلات موحية، وأولئك الذين يرفعون صوت الابوذية الى مرتبة الشهامة، جنب شركائي في صناعة الكلمة والفكرة واللوحة واللحن والتأمل، من النساء والرجال، وكل الذين يسددون فواتير المحن والزلازل بصمت مبدع، او بحيرةٍ خلاقة، او ببكاء نزيه. اقول، اخصكم بالدعوة هذه الى الخروج من انفاق الشكوى والتظلم والمرارات والمراقبة والانتظار الى فضاءات المشاركة في حماية احلامنا وصبواتنا ودمائنا وما تبقى من خارطة تقاسمها قطعانٌ بربرية بلحى ودشاديش قصيرة، واجيالٌ فاسدة من السياسيين ومنتجي الضجيج والرطانات، وطامعون من وراء الحدود. ان البطولات التي نحققها من طاولاتنا في مدونات ونصوص انتقادية وكلمات غاضبة ورافضة ومحرضة، عن بُعد، على سلامتها اللغوية وحسن تقنيتها ورهافة حسها فقدت صلاحيتها الان، صدقوني، فان ثمة ارصفة وميادين ومعارك تحتاج الى اكفكم تلوح، واصواتكم تنادي، وعلومكم تُرشد، وتجاربكم تُلهم.. تلك هي البطولات الحقيقية التي سطرها شعراء ومبدعون ومهرة منكم، وتعرفونهم واحداً واحداً، منهم من استشهد وارتوت ساقيات الثقافة والذاكرة من امجادهم، ومنهم اتحدوا بالحياة وصناعها وميادينها، بطلاتٍ وابطالا. بوجيز الكلام، لا أدعوكم، وليس المطلوب، ان نتحول الى دعاة، فقد سقط الداعية في وحل امتداح الجلاد أو امتداح صاحب النعمة أو ذمّ خصومهما، وليس المطلوب ان نبيع ابداعنا في مهب الورق، فثمة انبل واجمل من هذا المآل، انه الانخراط في صناعة المصير النبيل. لنخرج من السؤال عما ينبغي ان نفعل، فليس لديّ وصفة بالفعل المطلوب، وانا نفسي، مثلكم، لم افعل ما يصلح ليكون وصفة، فيما اشتغل مفكرون كثيرون على رصد الدور الذي من المفترض ان يلعبه مثقفنا، وتأشير التأرجح ما بين ان يتقوقع على نفسه ويبني تصوراته عن الحياة والمجتمع والكون انطلاقاً مما يسميها الباحثون بأوهام النخبة، او ان ينخرط في المعركة التي تصنع المستقبل وتعكف على بناء مصدات حيال الانكفاء الى الماضي والخرافة والعنف. تعال صديقي الجميل نجمّل للناس، بالممارسة، وعن قرب منهم، قضية الحياة ومفردات المقاومة والشأن العام والتطوع والايثار والعدالة، فثمة الملايين الحائرة تحتاج الى أن نكون على قربٍ من معاناتهم.. تلك هي مودتك مع نفسك المبدعة..»وانت تنام وتحصي الكواكب. فكّر بغيرك. ثمة من لم يجد حيزا للمنام» كما يقول محمود درويش. اصدقائي.. اسمع بذعر صوت النسوة الايزيديات المغتصَبات من قبل قبائل الهمج المغيرة.. اعتقد اننا لم نمت منذ زمن بعيد. نهج البلاغة شتم رجل من الخوارج الامام علي بن ابي طالب (ع) فهمّ اصحابه بمعاقبته، فقال لهم: مَهْ.. إنما سب بسب، أو عفو عن ذنب. |