الروضة وإسطوانة التوبة

 

ومضات روحية ،  ومعالم دينية  وتاريخية كان لي شرف زيارتها  خلال مدة أداء العمرة وزيارة مسجد الرسول الكريم محمد ( ص ) في  شهر رجب الاصب الماضي كانت مواضيع مقالات سابقة لي في الزمان ..ومن بين  المعالم والاماكن  الدينية والمزارات والمساجد التي تشرفت بزيارتها  الروضة الشريفة  في المسجد النبوي وقد افردت لها هذه  الاسطر السريعة بما تتسع له مساحة العمود …

 

                                   الروضة الشريفة

 

(( ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )) الاحزاب  56 .. وفي هذا بيان إلهي لمنزلة النبي الكريم  محــــــــمد ( ص ) العظيمة عنده سبحانه وتعالى..والحاج ، أو المعتمر يرى أن فرحته لا تكتمل  ، ورحلته الروحيه التي قطع من أجلها المسافات الطويلة لن تتم بما يحب ويتمنى إلا بزيارة النبي والصلاة في الروضة الشريفة .. فترى الوافدين من كل فجاج الارض المختلفة ، ومن مختلف اللغات والجنسيات ، الى قبر الرسول  الكريم محمد ( ص ) وزيارة مسجده  يحرصون أشد الحرص على الصلاة ، والمكوث فيها لبعض الوقت ، بما يسمح به وقت الزيارة  المخصص ، خاصة في أوقات الذروة  في مناسبات وأوقات وأشهر معروفة منها شهر رجب الاصب ، الذي  يكون للعمرة فيه ثواب كبير بينه الرسول الكريم ( ص ) في حديث مضمونه ( ان الحجة ثوابها الجنة ، والعمرة كفارة لكل ذنب ، وافضل العمرة عمرة رجب ) ….  وترى المعتمرين  ينتظمون في صفوف تمتد لمسافة داخل المسجد الشريف لكي يحظوا ببركة  الصلاة والدعاء وقراءة ما يتيسر من كتاب الله العزيز في هذه الروضة  المباركة ، التي قال عنها ( ص ) ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ) وينالوا شفاعته ( ص ) إذ روي عنه ( ص ) أيضا ( من زارني حيا او ميتا كنت شفيعا له يوم القيامة ) …وهذا محل إجماع بين المسلمين بمختلف مذاهبهم ، ويستندون في ذلك الى قوله تعالى (  ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) …

 

فهذه الآية برأي العلماء عامة تشمل حالة الحياة ، وحالة الوفاة  ..

 

 ونسب الى الرسول ص حديث متفق عليه ( الصلاة في مسجدي خير من الف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام  ) ..

 

فمسجد الرسول ( ص )  هو واحد من ثلاثة مساجد تشد الرحال اليها وهي المسجد الحرام ومسجد الرسول والمسجد الاقصى وهذا من الاحاديث الصحيحة للرسول ( ص ) ومتفق عليه ايضا …

 

فلك الحمد ( يا سيدي على عظيم نعمتك عليّ بزيارة هذه الروضة الشريفة  التي هي من رياض جنتك ، وشعبة من شعاب رحمتك التي ذكرها رسولك ، وأبان في فضلها وشرف التعبد لك فيها ، وعلى ما رزقتنيه من طاعتك ، وطلب مرضاتك وتعظيم حرمة نبيك ( ص ) بزيارة قبره والتسليم عليه والتردد في مشاهده ومواقفه ) ..

 

و(( الحمد لله الذي إستنقذنا بك من الشرك والضلال ..

 

اللهم صل على محمد وأله ، واجعل صلواتك ، وصلوات ملائكتك وأنبيائك والمرسلين ، وعبادك الصالحين ، وأهل السموات والارضين ، ومن سبح لك يا رب العالمين من الاولين والاخرين على محمد عبدك ورسولك ونبيك وامينك ونجيبك وحبيبك وصفيك وصفوتك وخاصتك وخالصتك وخيرتك من خلقك ، وأعطه الفضل والفضيلة والوسيلة والدرجة الرفيعة وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الاولون والاخرون … ))

 

                          اسطوانة التوبة أو اسطوانة أبي لبابة

 

وفي المسجد النبوي اسطوانات إرتبطت بمناسبات عند النبي (  ص ) ، أو كانت محلا لنزول آيات قرأنية واحاديث كثيرة له ( ص ) ، واسطوانة التوبة  واحدة منها ، وتسمى ايضا إسطوانة أبي لبابة ..وهي بجانب القبر الشريف من جهة الروضة ، وسبب نسبتها اليه ، لانه كان قد ربط نفسه  فيها التماسا للمغفرة بسبب ما اقترفه من ذنب حتى  أنزل الله  توبته وفك النبي ( ص ) رباطه بيده الكريمة  … وقد نزلت فيه الآية ( يا ايها الذين امنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وانتم تعلمون ) .. (الانفال  27 ) … وقصته كما تشير المصادر الى (  أن  رسول الله ( ص )  كان قد بعثه الى بني قريظة  عندما حاصرهم ، وقد طلبوا أن يبعث اليهم أبا لبابة  ليستشيروه في أمرهم … وعندما قالوا له أننزل على حكم الرسول ( ص ) ؟.. فقال لهم انزلوا واعلموا أن حكمه فيكم الذبح واشار الى حلقه ، لكنه ندم بعد ذلك لأنه  بذلك قد  خان الله والرسول ، ولذلك  لم يعد الى الرسول ( ص ) ، بل ذهب الى المسجد  النبوي مباشرة  ، وشد عنقه الى اسطوانة التوبة في المسجد بحبل ،  وقرر أن لا يحله الى أن يموت ، أو يتوب الله عليه .. وكان وهو على هذه الحال يصوم النهار، ويأكل بالليل ما يسد رمقه ، وكانت إبنته تأتي بعشائه وتحله لقضاء حاجته ، واستمر الى أن نزلت توبته من الله …وقد رفض ان يحله المسلمون الا أن يأتي الرسول ويحله بيده.. وقال له ( ص ).. يا ابا لبابه لقد تاب الله عليك توبة لو ولدت من أمك يومك هذا لكفاك ).. وتصدق بثلت ماله  .. ونزلت الأية ( وأخرون إعترفوا بذنوبهم ، خلطوا عملا صالحا وأخر سيئا ، عسى الله أن يتوب عليهم ، إن الله غفور رحيم ، خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ، وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ،  والله سميع عليم ، ألم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم ..) ( التوبة 102 و103..) ويستحب في هذه الاسطوانة الصلاة والدعاء والاستغفار .. ( إلهي أتيت نبيك مستغفرا تائبا من ذنوبي فصل على محمد وآله واغفرها لي.. ياسيدنا اتوجه بك وبأهل بيتك الى الله تعالى ربك وربي ليغفر لي ..) ..

 

وفقنا ا الله لما يحب ويرضى ..

 

 ويسر لنا  يا الله اليسير وجنبنا كل عسير ..

 

 والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد واله وصحبه المنتجبين ….

 

( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد .. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وآل ابراهيم انك حميد مجيد ) .

 

   { { { {

 

كلام مفيد :

 

من جميل ما قاله الشاعر ابو نؤاس في زهدياته :

 

يارب إن عظمت ذنوبي كثرةً

 

فلقد علمت بأن عفوك أعظم

 

إن كان لا يرجوك الا محسن

 

فبمن يلوذ ويستجير المجرم

 

أدعوك رب كما أمرت تضرعا

 

فاذا رددت يدي فمن ذا يرحم

 

مالي اليك وسيلة الا الرجا

 

وجميل عفوك ..ثم اني مسلم