عراقيو المريخ والإستخدام الأمثل للطرقات |
وأخذت مدن المريخ تتَّسع.. فاحتاجوا إلى بناء أحياء وأسواق تلبي حاجاتهم ومتطلبات معيشتهم.. لكن لقلّة خبرتهم أرتأوا أن يستشيروا أسلافهم عراقيي الأرض.. يسألونهم عن التصميم الأفضل للأحياء والأسواق: فالأحياء أتكون ضيقة أم واسعة؟ والأسواق أشعبية تكون أم مركزية أم مولات.. أم محلات كبيرة.؟!
فردَّ عليهم عراقيو الأرض ناصحين:
“إنَّ الأسواق الثابتة لم تعدّ حضارية ولا عصرية.. لا تلبي متطلبات العصر.. فيجب الاستعاضة عنهم بالباعة الجوالين، فهم يحملون بضاعة من كلّ الأصناف.. هم من كلّ الأعمار.. بضاعتهم بمواصفاتٍ فريدة!!”.
وتابع عراقيو الأرض رسالتهم قائلين:
“وللباعة المتجوّلين فوائد جمة بالإضافة إلى أنَّهم صرخة العصر، فهم يوفرون على ربة البيت عناء الذهاب للسوق.. يوفرون الوقت الثمين لها لتقضيه في أمور أكثر فائدة وأهمية.. إذن السوق سيأتي إليها وهي جالسة في بيتها.. وهذا هو الدلال بعينه لنسائكم! وبذلك تقلّ مطالبتهن بحقوقهن في البرلمان ومشاكلهن مع أزواجهن ومطاليبهن ومشترياتهن غير المهمة!!
ومن الفوائد أيضاً للباعة الجوَّالة.. أنَّهم لن يصابوا بالسمنة فالمشي بين الطرقات والأحياء سيجعلهم في منتهى الرشاقة!! بدل الجلوس في السوق ينتظرون المشتري!!”.
وأضاف عراقيو الأرض موضحين:
“لكن يمكنكم أن تخصصوا الساعات النهارية لنوع البضاعة.. وتوزعوا الوقت بين أصناف بضاعتهم.. فمثلاً في السادسة صباحاً يأتي بائع الخضروات وينادي: “طماطة.. بصل.. خيار”، وفي الساعة السابعة يأتي بائع الفاكهة ويعلن عن بضاعته: “موز.. رمان.. برتقال”!
وفي السَّاعة الثَّامنة يأتي بائع الغاز ويصيح عن غازه المعبأة بشكل ممتاز سواء استعمل صوته أو أجراساً أو موسيقى!..
وفي التاسعة يمكنكم فتح المجال لباقي الباعة الذين يبيعون الطحين والسكر والشاي!! أو الذين يشترون المواد المستهلكة من مبردات ومكيفات وثلاجات..
أمَّا الساعة العاشرة فيجب تخصيصها للأطفال سواء أكانوا مستيقظين أم رقوداً!! وذلك لإشغالهم وإبعادهم عن الطباخ الذي تستعمله الأمّ للغداء بعد تسوقها الخضروات!.. لذا يجب السماح لباعة الحلوى بالمرور والبيع.. لاسيما ذلك الذي ينادي: “شعر بنات.. شعر بنات” فهذا يلفت انتباههم ويجعلهم يفكرون بالشعر والبنات معاً مما يساعد الأم على طبخ وجبة لذيذة!!
وفي الحادية عشرة تبدأ حرارة الجو بالارتفاع فيمكنكم تركه لبائع الدجاج الحيّ المستعد لذبح الدجاج وسلخه بآلاته المزود بها أمام المشتري ليطمئن قلب المستهلك أنَّه انتاج محلي غير مغشوش!! أمَّأ إذا كان المشتري لا يحبّ الدجاج فليمرّ بعده مباشرة بائع السمك مع عربة بها ماء وماطور ماء.. ليغري المشتري عندما يرى “السمك يلبط”!!
في الثانية عشرة يجب أن ينتهي وقت البيع.. تتركوا الوقت للآخرين يستفادوا من الطرقات!.. على سبيل المثال تترك الطرقات الآن للمتسولين.. فيبدأون الآن رحلتهم بطرق الأبواب..
بعدها فترة استراحة؛ فالموظفون سيعودون لبيوتهم بعد يوم ثقيل..”.
وتابع عراقيو الأرض كلامهم:
“أمَّا عصراً فيبدأ نشاط آخر.. فعلينا أن لا ننسى أهمية الترويح عن النفس.. وفائدة بناء الأجسام والمحافظة على بنية سليمة.. وذلك بتشجيع ممارسة كرة القدم للصغار في الطرقات.. لاسيما أيام العطل!! فأين يذهب الصغار ولا ملاعب تَّسعهم ولا متنزهات.. فلا بُدّ أن تحتضنهم الطرقات!! ولا بأس بكسر زجاج الشبابيك لبعض الجيران أو زجاج سيارات الحيّ فيجب أن ننظر للهدف الأسمى!
وعندما تغيب الشمس يمكنكم أن تستفادوا من الطرقات بإقامة تجمعات نسائية ورجالية.. وتجمعاتهم هذه له فوائد عدّة: فهي تقوي العلاقات الاجتماعية.. وتساعد على تبادل الأخبار والإشاعات.. وبعد المغرب كذلك باستطاعتكم إطلاق حملات تنظيف وغسل الشوارع والسيارات وإهدار الماء لاسيما في الصيف..”!
وختم عراقيو الأرض رسالتهم:”وأخيراً يمكن لأصحاب المحال استغلال الأرصفة بنشر بضاعتهم ومهما كان صنفها ونوعها.. متجاوزين على حقوق المارَّة.. وهذا ما سيحقق مكاسب مادية ولن يحتاجوا لمحال أخرى لخزن بضاعتهم. أمَّا السَّابلة فعليهم تعلم وإتقان رياضة القفز بالعصا أو لعبة التقافز أو الطيران في الهواء من أجل صحَّتهم وإشاعة ثقافة الرياضة.. هكذا يكون الاستعمال الأمثل للشوارع والطرقات”! |