مرت على المحتجزين في رفحاء أيامٌ سوداء مرعبة وعصيبة وكأن الحياة والعيش فيها كان مستحيلا أين ما تلتفت أسلاك وحديد وحرس شديد ..كأنه الموت يلتف على رقبتك ويُقَيّدُ ساقَيْكَ ويحد من أنفاسك ويقودك الى حتفك..

 

أيام الاحتجاز القسري أخذت منا الكثير..أخذت منا الوطن والاحباب وضاعت بين رمالها أجمل سنوات العمر..وبُدّدَت كل أحلام الشباب..
عواصف من الهموم كانت تهب على النفوس فتُصيبها بالنكد..بين احباط ويأس..وخوف من المجهول..
لاأحد يعلم عن مستقبله شيء..ولا يعلم مدة حجزه ليطمئن ويستقر..ولايعلم أين ستؤول اليه الامور والى أي جهة هو ذاهب..
كأن الطغاة اتفقوا وقتها على حكمنا بالاعدام لكنهم اختاروا لنا الموت البطيء بين رمال الصحراء ولهيب شمسها الحارق..وبين الخوف والقلق.. لتكون نهايتنا الموت يأساً ..
أول الأشياء التي فكروا بها المُهَجرون قسرا الى رفحاء السعودية..هو بناء جوامع وحسينيات ورفع كلمة الله أكبر في تلك الصحاري المترامية الأطراف وهذا ماتم فعلا وبدأت الشعائر الدينية والحسينية تقام في كل يوم ومناسبة وبعدها بدأ الثوار في تأسيس المدارس..وهذا ماخفف عنهم الكثير رغم امتعاض السلطات السعودية لذلك وانزعاجها منه أشد الأنزعاج..
حيث بدأت بحملتها التبشيرية وأرسلت للمحتجز مبشريها من علماء الوهابية لكنهم جميعا صُدموا بجدار الثقافة الحسينية التي كان يحملها الكثيرين من الثوار آنذاك..وكانوا المبشرين يحاولون جاهدين لأستمالة الثوار عن عقيدتهم والتشكيك بها ولكن الايمان العالي لدى الثوار بعقيدتهم ومذهبهم كان سدا منيعا لأفشال كل محاولات السلطة ومبشريها ..
حقا كان الله مع الثوار في كل محنة ولم يتركهم وكانت تلك النفوس الطيبة والمؤمنة تحت رعايته وحفظه ومنحها الصبر والطمأنية فتحملت كل تلك المعاناة آنذاك..