قوة الفساد وسطوته!

 

لا أجد أي تفسير يوفر الحد الادنى من القناعة بجدوى الاستمرار في استخدام اجهزة كشف المتفجرات من قبل القوات الامنية، بعد ان اصدرت محكمة بريطانية حكمها بالسجن عشرة سنوات على رجل الأعمال البريطاني المليونير جيمس ماكورميك، (56 عاما)، لإدانته ببيع هذه "الأجهزة المزيفة" حسب منطوق قرار المحكمة. واللافت هو ما جاء في حيثيات القرار. فحسب ما أعلنه القاضي البريطاني إن جريمة الاحتيال هذه "أثارت شعورا مزيفا بالأمان، وكان لها دور في سقوط قتلى وإصابات". فيما، ووصف الأرباح التي تحقق من ورائها بأنها "مشينة". وإذا لم يكن مفهوما استمرار استخدام هذه الاجهزة لغاية اليوم، رغم انها اصبحت مصدر استهجان المواطنين وسخريتهم، فأن السكوت عن القائمين على هذه الصفقة من الجانب العراقي، وعدم كشفهم للرأي العام العراقي، يثير الشك والريبة.

وإذا كان التاجر النصاب البريطاني هو "القوة المحركة والمدبر الوحيد الذي يقف خلف (عملية النصب)"، كما خاطبه القاضي، فلماذا يا ترى لم يكشف لغاية الأن عن النصاب التاجر العراقي؟، وكم فاسد من الجانب العراقي اشترك معه في هذه الصفقة القاتلة؟ هذه الأسئلة وغيرها ستبقى برسم الإجابة من جانب السلطة القضائية العراقية، وبالتأكيد سياتي اليوم الذي تنكشف فيه الصفحات المخفية من هذه القضية. وسيقف يوما المدعي العام العراقي ليعلن لنا الحقائق، كما وقف المدعي العام البريطاني، مدافعا عن دماء العراقيين الذين سقطوا ضحايا غش هذه الاج?زة، ومستذكرا مشاهد تفجير وزارتي العدل والخارجية في بغداد بشاحنات مفخخة، مرت عبر نقاط تفتيش لم تكشفها هذه الأجهزة.

ان جريمة كبيرة بهذا لا يمكن ان تغلق برغبة احد، بل ستبقى مفتوحة كقضية رأي عام، تلاحق كل من استهتر بأرواح العراقيين مقابل كسب المال من السحت الحرام.

من جهة أخرى، لا اعتقد ان قرار محكمة تحقيق النزاهة الذي اعلن عنه قبل ايام بغلق ملف التحقيق في قضية الاسلحة الروسية بسبب عدم كفاية الأدلة وبالتالي عدم وجود جريمة"، كما صرح السيد جعفر محسن رئيس محكمة استئناف الرصافة ، سيغلق الجدل حول وجود شبهة فساد في صفقة الاسلحة الروسية!

أنه أمر مفزع ان تسمع ان جبروت الفساد وسطوته جعلاه يتجاوز كونه مؤسسة كبيرة، حيث أصبح يهدد العديد من الدوائر بالتوقف عن تقديم أي خدمة للمواطن أن لم "يدهن السير" بمال الفساد.