إنها فضيحة!

 

بـعـد تـحـقـيـق مـعـمـق ، ومـداولات مـطـولـة ، واستـشـارات عـلـمـيـة دقـيـقــة مـع الـخـبـراء والـمـختـصـيـن   ، وعـدة جـلـسـات قـضـائـيــة ، أصـدر الـقـضـاء الـمـستـقـل فـي الـمـمـلـكـة الـمتـحـدة حـكـمـه الـعـادل  بـالـسـجـن عـشـرة أعـوام عـلـى  الـتـاجـر الـمـحتـال ، الـذي بـاع إلـى الـعـراق أجـهـزة ( كـشـف متـفـجـرات ) مـزيـفـة وغـيـر فـاعـلـة ، ولا تـمـت للـمـوضـوع بـأي صـلـة وبـمـبـلغ خـمـسيـن مـلـيـون دولار ، وهـو مـبـلـغ لـيـس بـقـلـيـل لـبـلـد مـثـل الـعـراق ، وشـعـبـه ، والـفـقـراء مـنـهـم عـلـى وجـه الـخـصـوص ، فـهـذا الـمـبـلـغ يـعـادل سـتـيـن مـلـيـار ديـنـار عـراقـي أو يـزيـد . 
وإذا أردنـا أن نـبـنـي يـهـذا الـمـبـلـغ مـسـاكـن واطـئـة الـكـلـفـة للـمـشـرديـن والـقـاطـنـيـن فـي مـسـاكـن الـصـفـيـح وبـسـعـر خـمـسـيـن مـلـيـون ديـنـار لـكـل عـائـلـة ، فـبـعـمـلـيـة ريـاضـيـة بـسـيـطـة نـدرك أن هـذا الـمـبـلغ الـذي ذهـب فـي مـهـب الـريـح بـمـقـدوره بـنـاء مـديـنـة مـكـونـة مـن 1200 مـسـكـن  . 
 والـطـامـّـة الـكـبـرى لا تـقـف عـنـد هـذا الـحـد ، بـل الـغـريـب بـالأمـر أن هـذه الأجـهـزة لا تـزال رافـعـة أنـوفـهـا فـي سـيـطـرات بـغـداد وبـقـيـة الـمـحـافـظـات ، دون خـجـل ٍ أو وجـل . 
مـع أن خـبـراء الأسـلـحـة والـمتـفـجـرات التـي استـدعـتـهـم الـمـحـكـمـة الـبـريـطـانـي للإدلاء بشهادتهم ، أكـدوا تــحـت الـيـمـيـن ، ومـن خـلال فـحـصـهـا فـي الـمـخـتـبـرات الـخـاصـة إنـهـا غـيـر مـجـديـة قـطـعـا ً فـي كـشـف الـعـبـوات وبـقـيـة الـمتـفـجـرات ، وإنـمـا مـصـمـمـة للـكـشـف عـن الـعـطـور وسـوائـل الـتـنـظـيـف والـقـواصـر ، وحـشـوات الأسـنـان . 
 والـمـحـكـمـة الـبـريـطـانـيـة التـي أصـدرت هـذا الـحـكـم ، والـذي اعـتـبـره بـعـض الـقـانـونـيـن قـاسـيـا ً وغـيـر مـتـوقـع ، لا عـلـى أسـاس الـنـصـب والاحتـيـال فـقـط ، بـل لأنـه أودى بـحـيـاة عـراقـيـيـن أبريـاء . 
 أي مـفـارقـة هـذه !؟ 
 أصـحـاب الـشـأن يـقـولـون أن هـذه الأجـهـزة عـديـمـة الـفـائـدة ، وتـحـكـم عـلـى مـواطـنـهـا بـالـسجـن مـع الـنـفـاذ ، والـقـوات الأمـنـيـة لا تـزال تـوقـف الـسـيـارات بـطـوابـيـر طـويـلـة مـن الأرتـال لـتـخـضعـهـا للـتـفـتـيـش دون حـيـاء . 
 أمـا الـفـاسـدون مـمـن أشتـروا هـذه الأجـهـزة الـفـاسـدة ، فـمتـى يـقـدمـون إلـى الـعـدالـة ، كـمـا فـعـل الـبـريـطـانـيـون . 
 أم أنـهـم سـيـكـفـلـون بـخـمـسـيـن مـلـيـون ديـنـار ، ثـم يـفـتـح لـهـم مـلاذاّ أمـنـا ً للـهـرب مـع مـا جـنـوه مـن دولارات ، هـي أصـلا ً مـن قـوت الـشـعـب والـمـال الـعـام الـذي أتـمـنـوا عـلـيـه  .