علاس عزرائيل

 

إن العراق ما بعد التغيير برزت فيه عادات ومصطلحات جديدة على السامع العراقي ولكنها محلية الصنع والاكتشاف بامتياز وهي نتيجة التغيير كان العراقيين والبغادة (جمع تكسير للبغداديين) باللهجة العراقية  يطلقون على الواشي الذي ينقل الإخبار إلى الأمن والمخابرات والاستخبارات ويكتب التقارير الحزبية  يطلقون عليهم الأقلام الشابة أو الحارقة (حاروكة)  و ما أكثرهم وكانوا معروفين بابتزاز عباد الله وهنالك وشاة على مستوى أخر إلى المدراء ورؤساء الدوائر والمعلمين والمدرسين والأمرين للوحدات العسكرية  وهم اقل ضررا ويطلقون عليهم (جولة) والجولة هي  طباخ نفطي عراقي صغير يعتمد على فتيلة من القماش القطني المبروم وهي تدخن وكان سابقا اغلب رؤساء عرفاء الوحدات من مدينة الناصرية وضواحيها ولذلك أطلق عليها محافظة الجولة بامتياز أو الشجرة الخبيثة رغم إن التسمية الأصلية أطلقت من قبل الجيش الانكليزي في انتفاضة حسين رخيص حيث كان هنالك فناص يقتنص الجنود الانكليز خلف شجرة سدرة كبيرة أوقعت الكثير من القتلى من الانكليز  مما اضطر الانكليز إلى قطع هذه الشجرة التي أطلق عليها الخبيثة لتنتقل التسمية بعدها على الخباثة الوظيفية والالتزام العسكري في الانضباط لرؤساء عرفاء الوحدات من الناصرية التي كانت تسمى محافظة المليون عريف  وهي صفة مشتركة مع محافظة نينوى وأهل الموصل بالذات لالتزامهم العالي وتملقهم للمسئول الأعلى أو الأمر الأعلى.

وهنالك وشاة آخرين أسهل وألطف وهم المراقبين في الصف الذين يتم اختيارهم من الطلاب ويكون هذا الطالب (بلبل) لأنه سريع بالتغريد للمعلم أم المدرس أو مدير المدرسة عن الطلاب المشاكسين إثناء الفرصة وغالبا ما يقدمهم البلبل العفؤ المراقب  على قصاصة ورقية أو بعضهم يكتبه على السبورة. وهنالك بلابل البيت من الأولاد والبنات عندما يقدمون الوشايات للأب أو الام عن مشاكل البيت وهولاء يطلقون عليهم بلبل بابا أو بلبل ماما كل هولاء الوشاة كانوا يتبرعون بالوشاية للتقرب أو للخباثة المعجونة في أنفسهم وذاتهم أو للحصول على منصب اعلي أو بعض الامتيازات.

ولكن بعد التغيير تغير وظيفة الواشي لتأخذ بعدا أخر واسما أخر وقد أطلق عليهم لقب علاس أو علاسة والعلس في اللغة هو الطعام والعلس هو علس اللقمة ا يلوك اللقمة لتسهيل هضمها وبلعها ولكن هنا أخذت معنى أخر  وهي من علس بعض الطيور اللقمة ولقمها لأبنائها  ولكن هنا الهدف ليس لقمة وإنما هو صيد ثمين لغرض الاختطاف أو القتل أو السرقة , وهكذا هنالك علاسة لعصابات الجريمة المنظمة أو المليشيات أو الحرامية والعلاس غالبا ما يكون معرفا للضحية للحصول على معلومات كافية وبعضهم عند الاختطاف يكون وسيطا أو مساوما واغلبهم ممثلين بارعين في تمثيل دور الحزن والقهر على الضحية إمام أهل الضحية, ولقد سمعت بكل أنواع وتسميات العلاسة ولكن علاس عزرائيل كان جديدا على مسمعي وهي قصة حقيقية لا يزال إبطالها إحياء,

ففي ليلة من الليالي نام احمد وهو طالب كلية عمره 22 سنة في غرفته وفي منتصف الليل استيقظ وهو يرى شخصين يرتديان الملابس البيضاء كما يقول هو وهم يقولون له إنا بعثنا لأخذ روحك  وقد دنا أجلك وهو يكمل سرده وانأ ارتجف من الخوف جاء شخص ثالث لا تظهر ملامحه  قال ليس هو الشخص المطلوب ولكن الشخص الذي أرسلتكم لأخذ روحه وموته هو حسين بطة ويكمل سرده يقول همس لي احدهم نحن إسفين لقد أخطائنا العنوان وسيعقبنا عزرائيل اليوم وغدا سنأخذ روح جيرانكم حسين بطة حسين ابن سعدية أم الخضرة, يقول أجمد فززت من نومي وانأ ارتجف من الخوف والعرق يملا ملابسي مثل الاسفنجة التي غمرت بالنهر ومصت ما يكفي من الماء نهضت مسرعا للثلاجة وانأ ارتشف بل اشرب بنهم الماء البارد وانأ غير مصدق بين حلم أو حقيقة وانأ أضع جسدي تحت دش الماء البارد ليعود لي الوعي ولم انم ليلتها وانأ تقلب في الفراش ونهضت مبكرا لأقبل يد أمي وهي تتعجب واقبل إخوتي واحدا واحدا وانأ اقض ما حدث لامي التي سارعت وانأ لم أكمل سالفتي لتتصل بالموبايل بجارتها أم حسين وتقول لها تعالي خية (اختي) تعالي شوفي الضيم وهي تقص السالفة على أم حسين التي بدأت تلطم  وأمي تقول لها خية سمي بالرحمن وصلي على النبي ترى خاف مو حلم وهمت بشعل البخور والحرمل وذهبت أم حسين لبيتها وهي تعلن حالة إنذار إن عزرائيل سيزورهم هذه الليلة وزوجها ابو حسين يقول لها يمعودة شلج(مالك) بهذا الحجي (الكلام) بس يجي الا أترس رأسه رصاص ويتصل أبو حسين بعشيرته وعمامة في كل المحافظات عبر صيغة عاجل للإنذار ويأتي الليل وحسين نايم بغرفته وأبو حسين لازم بندقيته ويحرس الغرفة وأم حسين كل ساعة تنام وتنهض وهي تراقب حسين  وفي الفجر ذهب أبو حسين لإيقاظ ابنه ويجده جثة هامدة  ويصيح بأعلى الصوت مات حسين يا أم حسين  وهو يدور الغرفة والشبابيك والبيت ويأتي الجيران لأخذ حسين للمستشفى والطب العدلي  ويستلموا الجثة بعد التشريح الذي كتب السبب في شهادة الوفاة توقف القلب المفاجئ نتيجة جلطة قلبية حادة رغم صغر سنه 25سنة وتقام الفاتحة وفي الفاتحة ترسل عشيرة حسين (كوامة)تهديد عشائري لان احمد علس حسين ودلى عزرائيل عليهم وهي دنيا عجيبة وديروا بالكم من علاسة عزرائيل وما أكثرهم في هذا الزمان .