هذا التطور الكبير، مرده إلى إعلان هيئة النزاهة، الثلاثاء، نجاح العراق، فيما أسمته "اختراق السرية المصرفية الدولية قانونيا، حيث تمكن العراق لأول مرة من اختراق السرية المصرفية الدولية، عبر جهود هيئة النزاهة وصندوق استرداد أموال العراق".
وأضافت أن "الاختراق تم من خلال إجراءات قانونية تمكن العراق بموجبها من الاطلاع على مُحتويات الخزينة في سويسرا".
حملات متعاقبة
وأطلق رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي، العام الماضي، حملة واسعة، بالتعاون مع المجتمع الدولي والمنظمات المعنية والجهات ذات الصلة، فضلا عن دول الجوار والمحيط العربي، فيما يتعلق بالأموال المهربة إلى الخارج، والمساندة في وقف استنزاف أموال البلاد، عبر شركات وشخصيات لديها ارتباطات متشعبة.
وتنقسم الأموال العراقية إلى جزأين؛ الأول منذ زمن صدام حسين، ويعود لمسؤولي النظام السابق، وأعضاء حزب البعث، والأموال الرسمية التابعة للدولة العراقية على مدار السنوات الماضية، والجزء الآخر، لمسؤولين عراقيين، في مرحلة ما بعد نظام صدام حسين والذين هربوا إلى الخارج، بعد كشف ملفات الفساد ضدهم، ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من إعادتهم إلى البلاد.
المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد، قال إن "التحركات لاسترداد الأموال العراقية الموظفة في استثمارات مخفية أو ملاذات آمنة كما تسمى خارج البلاد والتي سبق الاستيلاء عليها، بدأت تسجل نجاحا، وأن المتورطين في هذا الأمر يصنفون ضمن خانة الجرائم المالية ويواجهون تهمة الاعتداء على المال العام".
وأضاف صالح، في تصريح صحفي، أن هذه "الجهود تؤكد نجاح هيئة النزاهة في المجال الخارجي لاسترداد الأموال، منذ أن عهد إليها مهام صندوق استرداد أموال العراق بموجب القانون رقم (9) لسنة 2012 الذي جرى تعديله قبل أكثر من عامين".
وتأمل الحكومة العراقية أن تسفر الحملة التي أطلقتها العام لماضي، عن شيء، في تعقب مليارات الدولارات المهربة إلى خارج البلاد.
ظم العراق في سبتمبر الماضي، مؤتمرا دوليا في العاصمة بغداد، ضمن خطة الكاظمي لتوسيع أدوات محاربة الفساد، لتشمل جهات خارجية، وذلك بعد التقدم الذي تحقق خلال الفترة الماضية، مثل اعتقال زعامات سياسية متورطة بملفات فساد، وتفعيل دور الأجهزة الرقابة المختصة، في هذا الشأن.
وخلال افتتاح المؤتمر الدولي في بغداد، أكد الكاظمي، حينها أن الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة، بينما شدد على استعادة أموال العراق المنهوبة.
عُقدة سويسرا
ومع الغزو الأميركي للعراق عام 2003، جمدت الحكومة السويسرية ودائع 55 مسؤولا عراقيا سابقا بما في ذلك أموال الرئيس الراحل صدام حسين وأبنائه، على أن تُحول تلك الأموال إلى صندوق لإعادة إعمار العراق.
الخبير في الشأن الاقتصادي العراقي، سرمد الشمري، قال إن "إعلان هيئة النزاهة، تحقيق هذا التقدم، سيجعل مسار استعادة اموال العراق على الطريق السليم، إذ كانت العقدة هي تجاوب السلطات السويسرية، حيال تلك الأموال، وطريقة التعامل معها، في ظل الوضع الجديد، فضلاً عما شهده العراق خلال السنوات الماضية، من حروب وكوارث، جعلت دول العالم تُحجم عن التعاطي الإيجابي بشأن مثل تلك الملفات، لحين استقرار الأوضاع، والاطمئنان على المكتسبات المتحققة من تلك الأموال".
وأضاف الشمري، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "ما حصل يمثل تطورا اقتصاديا كبيرا، وعلى المسؤولين في هيئة النزاهة، والمعنيين باسترداد أموال العراق، استثمار هذا التطور، وتعزيزه، لفتح آفاق أخرى، والاطلاع على جميع البيانات والحسابات السويسرية، التي ضمّت الكثير من الأموال العراقية، سواءً لأعضاء نظام صدام حسين، أو ما بعد عام 2003".
يُذكر أن القرار الدولي 1483 نص على أن تحول كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أموال مسؤولي النظام العراقي السابق إلى صندوق لإعادة إعمار العراق.
وخلال الأشهر الماضية، أعلنت السلطات العراقية، اعتقال العشرات من المسؤولين التنفيذيين ونواب البرلمان، بعد تشكيل اللجنة الخاصة بمكافحة الفساد، من قبل الكاظمي، وسط دعوات لاستمرار هذا النهج، وفرضه على الحكومة المقبلة.