تحالفات كشاكيل المتناقضات..!

 

ها قد فرغنا للتو من أداء ما علينا أداءه، فقد ذهب أقل من 50% منا الى صناديق الاقتراع لإنتخاب مجالس 12 محافظة من محافظاتنا الثمانية عشر، الباقين الذين لم يذهبوا، قصتهم قصة: بعضهم يمتلك معاذير، وبعضهم لم يذهب لأنه لم يرد أن يذهب، بعضهم ألآخر حالت الحكومة بينه وبين الصناديق بإجراءاتها الأمنية الثقيلة يوم الاقتراع، ومنها أجراءها المريب بمنع التجوال، لكن عموما أنجزنا ما علينا أداءه وإن كان ثلث العراق لم ينتخب بعد مجالسه، لكن من المؤمل أن يجري ذلك في وقت قريب..

الآن وبعد هذه المقدمة التي أجدها ضرورية كمدخل لما أريد قوله، بات على الفائزين الشروع بالعمل فورا وبلا إبطاء، فقد إنتخبناهم لغاية محددة هي أن يمثلوننا في مجالس تعوضنا الفاقد البنائي الذي خسرناه جراء عوامل كثيرة من بينها إخفاق المجالس السابقة..

المهمة التي أمام المجالس المنتخبة هي أن تشرع بالعمل فورا على تحقيق غاياتنا، لا أن تعاد مسرحية التوافقات السياسية التي مللنا مشهدها المقرف..

إن من يتابع كيف بدأت ملامح إضاعة الوقت في لعبة التحالفات السياسية، سيصاب حتما بالدوار وهو يرى مشهدا سرياليا من فيلم التحالفات السياسية الموسمية التي تبرمها القوى السياسية مع بعضها في المناسبات الانتخابية، حيث يلتقي المعقول واللامعقول في هذا المشهد ، وحيث تسقط الشعارات، وتداس المبادئ بالأحذية، وحيث يكون المحرك الذي تتحرك القوى السياسية به هو محرك النفعية والوصولية..

وعودة الى المشهد السريالي إياه، فقد كانت القوى السياسية تتحدث قبل الإنتخابات عن تحالفات ما بعد الإنتخابات بغموض يلفه الإبهام..الغموض مصدره أنها بالحقيقة كانت تنظر النتائج لتحدد خطوتها التالية، وتلك لعمري دلالة قوية على أن البراغماتية بكل إسقاطاتها هي الضابطة فيما ستكون عليه مواقفها..

وكان المعطى فاضحا جدا..ففي أقل من شهر، وبعد أن خاضت أحزاب سياسية عريقة حملاتها الانتخابية بشعارات متناقضة ومواقف متضادة.. قامت بتغيير موقفها أكثر من مرة من اليسار إلى اليمين مرورا بالوسط الذي يتحدث عنه الجميع ولا يمارسونه!!.. بعض هذه القوى السياسية التي كانت متنافرة عقائديا انصهرت في بوتقة واحدة خلف شعار واحد رفع بلافتة واحدة..وفجأة تناسوا خلافاتهم المتجذرة في مرتكزاتهم الايديولوجية وذابوا معا..!

المشهد سيستمر في عرض هذا الجزء من فيلم اللعبة السياسية، وسنشهد  كشكولا من المتناقضات التي يستحيل جمعها في سلة واحدة قد تم جمعه...

البعض يحاول جاهدا أن يفسر هذا المشهد الغريب في عالم السياسة بتفاسير تخدم اللعبة ذاتها، دون أن يتمكن من تقديم ما يقنع ناخبيه بأسباب إنسلاخه من جلده.. فيكررون مقولات فارغة من قبيل أن السياسة فن الممكن، وإن لا ثوابت في حقولها، وإن ما لا يدرك كله لا يترك جله.

 يحق لنا أن نتساءل غير منتظرين إجابة، لأن الإجابة نعرفها: إذا لم يكن ثمة ثوابت في السياسة فلم هذا الانشغال بها؟! وعلام كتبتم البرامج وقطعتم والوعود والعهود؟ ..ثم ما الفرق بين السياسي والمنافق حينما يحدثنا عن المبادئ والقيم صباحا ويلعنها مساءا؟..

كلام قبل السلام: الكلاب نوعين: كلب يعوي لك وكلب يعوي عليك..!

سلام..